كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم

51…
حليفاً لهم قبل الإسلام لكي يتفاوض معهم فلما جاء إليهم أرسلوا الصبيان في وجهه يجرأون وصاحت نساؤهم مستعطفة لرحمته ثم حاولوا استغلال عاطفته فقالوا له: ماذا ترى؟ أننزل علىحكم محمد؟ فقال لهم: إن نزلتم على حكم محمد (وأشار بيده إلى حلقه) يعني سوف يذبحكم.
فقال أبو لبابة فوالله ما تحركت قدماي حتى علمت أني خنت الله ورسوله فلم يعد إلى الرسول صلى الله عليه وسلم بل ذهب مسرعاً للمسجد النبوي وربط نفسه في هذه الأسطوانة.
فلما سمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أما إنه لو جاءني لاستغفرت له.
وبعد انتهاء حصار بني قريظة عاد النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ولا يزال أبو لبابة مستأسراً في ساريته فتأتيه بنته وتطلقه للصلاة وقضاء الحاجة ثم تعيده إلى أسره.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (أما إذ فعل بنفسه ما فعل فما أنا بالذي أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه) فلما أنزل الله توبته على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت أم سلمة رضي الله عنها، فتقول أم سلمة: لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم السحر يضحك، فقلت: مم تضحك يا رسول الله أضحك الله سنك؟ قال: (تيب على أبي لبابة).
فقالت أم سلمة: ألا أبشره يا رسول الله؟ قال: بلى إن شئت فقامت على باب حجرتها (والحجاب لم يضرب بعد) وقالت: يا ابا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك.
وهذا يعني أن دارها كان بابها مفتوحاً على المسجد فلما سمع الناس التوبة على أبي لبابة ثاروا إليه ليطلقوه من أسره، فقال: لا والله حتى…

الصفحة 51