كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم
52…
يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يطلقني بيده فلما مر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم بعد صلاة الفجر أطلقه من الأسر وقد اشار ناظم المغازي إلى هذا بقوله:
واستنبأوا أبا لبابة الخبر فرق للعهد الذي بهم عبر
أن جأرت في وجهه الصبيان واستعطفت رحمته النسوان
ففتنوه وانتحى عن بلد عصى به وشاط نحو المسجد
فقام فيه برهة مرتبطاً " وحله خير الأنام بيديه "
فتاب من هفوته الله عليه وحله خير الأنام بيديه
وهذه الأسطوانة مكتوب علها حتى الآن (اسطوانة أبي لبابة) وتعرف بالتوبة وتقع إلى الشرق من اسطوانة عائشة.
وهذه الأسطوانة أيضاً هي التي أسر النبي صلى الله عليه وسلم فيها ثمامة بن أثال سيد اليمامة حين جاء به الصحابة في سرية أسيراً فأكرم النبي صلى الله عليه وسلم أسره وكان يبعث إليه كل يوم بلبن عدة شياه فيشربه كله وكان ثمامة في أسره يراقب تصرفات المسلمين وأفعالهم فرأى من التقوى والمحبة والتعاطف والتواضع وكثرة العبادة ما لم ير في حياته فدخل في قلبه حب الإسلام وأعجب بأهله وأضمر في نفسه الدخول في الإسلام ولكن أنفة الزعامة والعزة جعلته يؤخر إسلامه إلى نهاية أسره، وكان إذا قال له الرسول صلى الله عليه وسلم أسلم يا ثمامة يرد عليه بقوله يا محمد إن تنعم علي تنعم على شاكر وإن تقتلني تقتل ذام دم.
وفي اليوم الثالث من أسره أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإطلاق ثمامة من أسره وقال له اذهب حيث شئت.
فذهب ثمامة واغتسل وفاجأ المسلمين بإعلان إسلامه.
…