كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم

88
الصحابة - ولعله مسلم بن حباب - " إنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يوماً وهو جالس في مصلاه يقول (لو زدنا في مسجدنا) وأشار بيده نحو القبلة فأخذ عمر رضي الله عنه رجلاً وأجلسه في المصلى ثم رفع يده باتجاه القبلة وجعل الصحابة رضي الله عنهم يخفضون يد هذا الرجل ويرفعونها حتى تيقنوا أنها استقامت على نحو ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مدوا حبلاً فوضعوا طرفه في يد الرجل ثم مدوه فلم يزالوا يقدمونه ويؤخرونه حتى رأوا أنه صار نحو إشارة النبي صلى الله عليه وسلم، وهكذا وضع عمر رضي الله عنه قبلة المسجد بهذا التحري الدقيق والحرص الشديد الذي لا يمكن حصوله بعد موت الصحابة رضي الله عنهم الذين حضروا وضع النبي صلى الله عليه وسلم لقبلة مسجده وشاهدوا إشارته بيده إلى جهة القبلة في الزيادة المؤملة.
وبعد الخليفة عثمان رضي الله عنه لم يتعرض أحد لزيادة المسجد من جهة القبلة حتى في عصرنا هذا الذي قامت فيه المملكة العربية السعودية بتوسعات هائلة إلا أنها اقتداء بالسلف لم تتعرض للمسجد النبوي من جهة القبلة لا في زيادة الملك عبد العزيز التي تم تنفيذها في عهد ابنه سعود ولا في الزيادة التي قام بها الملك فيصل ولا يزال العمل فيها جارياً حتى الآن أي في عهد الملك فهد بن عبد العزيز حفظه الله، وتغمد سلفه بالرحمة، ومن أهم ما قام به عمر رضي الله عنه في هذه التوسعة أنه جعل براحة وسيعة وحصبها بحصباء العرصة الحمراء وحمل الناس الذين يريدون التحدث في أمور الدنيا على الخروج إليها وكانت هذه البراحة في الجانب الشمالي الشرفي من المسجد

الصفحة 88