كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم

95
كيف بنى الوليد المسجد
لقد طلب الوليد بن عبد الملك من ملك روما العون في بناء المسجد النبوي الشريف بالعمال والفسيفساء فبعث إليه بأحمال من الفسيفساء وبثمانين عاملاً وثمانين ألف دينار كما بعث بسلاسل توضع فيها القناديل - فبنى الوليد المسجد النبوي بالحجارة المطابقة والقصة وجعل عمده من الحجارة وحشاها بعمد الحديد والرصاص ونقش حيطانه بالفسيفساء والمرمر وعمل سقفه من الساج وحلاه بماء الذهب وزخرف حيطانه من الداخل بالرخام والفسيفساء والذهب، وكان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه وهو المشرف على هذه العمارة يجيز من أحسن شجرة فسيفساء بثلاثين درهماً غير أجرته الأساسية.
فزاده من الشمال أربع عشرة أسطوانة وزاد فيه قليلاً من الغرب أما من الشرق فإنه أدخل الحجرات الشريفة وزاد قليلاً شرقيها ولما أراد أن يبني مكان القبلة أظهر حرصه الشديد على بقائها في مكانها الذي وضعه الصحابة في عهد عثمان رضي الله عنهم أجمعين إذ لم يزد في المسجد النبوي شيئاً من جهة القبلة وعندما أراد أن يبني محراب قبلة عثمان رضي الله عنه نادى مشايخ المدينة وعلماءها وأشرافها من المهاجرين والأنصار والأعراب وقال تعالوا فاشهدوا قبلتكم فصار ينقض الحجر الواحد ويضع مكانه حجراً آخر حتى لا تتغير القبلة عن مكانها.

الصفحة 95