كتاب الدر الثمين في معالم دار الرسول الأمين صلى الله عليه وسلم

99
ولنترك للقارئ أن يقارن بين بني أمية وبني العباس من خلال هاتين الحادثتين ليتضح له الفرق بينهما.
وإذا كان الدافع للوليد بن عبد الملك في توسعة المسجد دافعاً سياسياً بحتاً فإن الدافع للمهدي العباسي وسلفه أبي جعفر وأبي العباس السفاح ليس كذلك إذ كان الدافع للوليد إزالة منظر فيه خطورة على وجود بني أمية في المدينة أما الدافع لأبي العباس وخلفه فإنه رجاء ثواب الله.
وبعد موت أبي جعفر المنصور حج ابنه المهدي ومر بالمدينة المنورة ودرس تعمير المسجد النبوي وزيادته وكان ذلك سنة 160 هجرية وولى على المدينة جعفر بن سليمان وأمر بالزيادة في المسجد النبوي وبدأ العمل فعلاً وعين من يشرف على ذلك فزاد فيه من الشمال مائة ذراع ولم يزد فيه من المشرق ولا من القبلة شيئاً وزاد فيه من الغرب شيئاً يسيراً يقاس بذراع أو ذراعين في مداخل المسجد الغربية.
وأدخل فيه دار مليكه، وهي دار لعبد الرحمن بن عوف آلت إلى عبد الرحمن بن جعفر فاشتراها منه المهدي وأدخلها في المسجد النبوي وأدخل أيضاً دار شرحبيل بن حسنة التي وهبتها له أم المؤمنين أم حبيبة، وأدخل بقية دار القراء ودار المسور بن مخرمة التي كانت عند المنارة الشرقية آنذاك وكل هذ الدور كانت شمال المسجد النبوي وانتزعت ملكيتها بالشراء والإرضاء.
وأمر المهدي بهدم المقصورة التي كانت في المحراب وسواها بأرض المسجد. وزخرف المسجد بالفسيفساء.

الصفحة 99