وظهرت شجاعة النبي صلى الله عليه وسلم التي لا نظير لها في هذا الموقف الذي يعجز عنه عظماء الرجال (¬1) «وسئل البراء، فقال له رجل: يا أبا عمارة، أكنتم وليتم يوم حنين؟ قال: لا والله ما ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكنه خرج شبان أصحابه» جمع شباب. شرح النووي لمسلم 12/ 117. وأخفاؤهم (¬2) حسرًا (¬3). ليس عليهم سلاح أو كثير سلاح، فلقوا قومًا رماة لا يكاد يسقط لهم سهم، جمع هوازن، وبني نصر، فرشقوهم رشقًا (¬4) ما يكادون يخطئون، فانكشفوا، فأقبل القوم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو سفيان بن الحارث يقود بغلته، فنزل ودعا، واستنصر، وهو يقول:
أنا النبي لا كذب ... أنا ابن عبد المطلب
اللهم نزِّل نصرك (¬5).
قال البراء: كنا والله إذا احمر البأس (¬6) نتقي به، وإن الشجاع منا للذي يحاذي به، يعني النبي صلى الله عليه وسلم (¬7).
¬_________
(¬1) انظر: الرحيق المختوم ص451، وهذا الحبيب يا محب ص408.
(¬2) جمع خفيف، وهم المسارعون المستعجلون. شرح النووي لمسلم12/ 117.
(¬3) حسرا: جمع حاسر، أي: بغير دروع، وقد فسره بقوله: ليس عليهم سلاح. شرح النووي لمسلم 12/ 117.
(¬4) رشقًا: هو بفتح الراء، وهو مصدر، وأما الرشق بالكسر فهو اسم للسهام التي ترميها الجماعة دفعة واحدة. انظر: شرح النووي12/ 118.
(¬5) مسلم، في كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين، مع التصرف في بعض الكلمات3/ 1400، والبخاري مع الفتح، كتاب الجهاد، باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته فاستنصر 6/ 105، 8/ 27، 28.
(¬6) إذا احمر البأس: كناية عن شدة الحرب، واستعير ذلك لحمرة الدماء الحاصلة فيها في العادة. انظر. شرح النووي12/ 121.
(¬7) رواه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين 3/ 1401.