كتاب الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

وقد بين صلى الله عليه وسلم أن «من سئِل عن علمٍ يَعْلمُه فَكتَمَهُ أُلجِمَ يوم القيامة بلجام من نار» (¬1).
فتبين بذلك وغيره أن العلم النافع الذي هو أحد أركان الحكمة لا يكون إلا مع العمل به، ولهذا قال سفيان (¬2) في العمل بالعلم والحرص عليه: " أجهل الناس من ترك ما يعلم، وأعلم الناس من عمل بما يعلم، وأفضل الناس أخشعهم لله " (¬3).
وقال رحمه الله: " يُرادُ للعلم: الحفظ، والعمل، والاستماع، والِإنصات، والنشر " (¬4).
وقال الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: تعلموا، تعلموا فإذا علمتم فاعملوا (¬5).
وقال رضي الله عنه: إن الناس أحسنوا القول كلهم، فمن وافق فعله قوله فذلك الذي أصاب حظه، ومن خالف قوله فعله فإنما يوبخ نفسه (¬6).
وقال علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: " يا حملة العلم اعملوا به، فإنما العالم من علم ثم عمل، ووافق علمه عمله، وسيكون أقواماً يحملون العلم لا يجاوز تراقيهم، تخالف سريرتهم علانيتهم، ويخالف عملهم علمهم، يقعدون حلقًا فيباهي بعضهم بعضا، حتى أن الرجل ليغضب
¬_________
(¬1) الترمذي، في العلم، باب ما جاء في كتمان العلم 5/ 29، وأبو داود في العلم، باب كراهية منع العلم 3/ 321، وابن ماجه في المقدمة، باب من سئل عن علم فكتمه 1/ 98، وأحمد 2/ 263، 305، وانظر. صحيح ابن ماجه 1/ 49، وصحيح الترمذي 2/ 336.
(¬2) سفيان بن عيينة بن أبي عمران، الإمام الكبير شيخ الإسلام، ولد سنة 107هـ، في النصف من شعبان، وعاش (91) سنة. انظر: سير أعلام النبلاء 8/ 454 - 474.
(¬3) أخرجه الدارمي في سننه، في المقدمة، باب في فضل العلم والعالم 1/ 81.
(¬4) المصدر السابق 1/ 81.
(¬5) أخرجه ابن عبد البر في جامع بيان العلم وفضله 1/ 195.
(¬6) المرجع السابق 2/ 6.

الصفحة 48