كتاب الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

الشيطان؛ لأنه الحامل عليها بوسوسته، فيمنع من التثبت والنظر في العواقب، فيقع المستعجل في المعاطب والفشل (¬1) ولذلك قيل:
يا صاحبي تلوما لا تعجلا ... إن النجاح رهين أن لا تعجلا
وقال عمرو بن العاص - رضي الله عنه -: لا يزال الرجل يجني من ثمرة العجلة الندامة (¬2).
وينبغي أن يُعْلَم أن العجلة المذمومة ما كان في غير طاعة، ومع عدم التثبت وعدم خوف الفوت، ولهذا قيل لبعض السلف. لا تعجل، فالعجلة من الشيطان، فقال: لو كان كذلك لما قال موسى: {وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضَى} [طه: 84] (¬3).
وقد قال بعض السلف: لا تعجل عجلة الأخرق وتحجم إحجام الواني.
والخلاصة: أنه يستثنى من العجلة ما لا شبهة في خيريته، قال تعالى: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ} [الأنبياء: 90] (¬4).
وعن سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه - قال الأعمش: ولا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم: " التُؤَدَةُ (¬5) في كل شيء خير إلا في عمل الآخرة " (¬6).
¬_________
(¬1) انظر: شرح السنة للبغوي 13/ 176، وفيض القدير شرح الجامع الصغير3/ 184.
(¬2) انظر: تحفة الأحوذي شرح الترمذي6/ 153.
(¬3) سورة طه، الآية 84.
(¬4) سورة الأنبياء، الآية 90.
(¬5) التؤَدَةُ. التأني. انظر: فيض القدير شرح الجامع الصغير للمناوي 3/ 277، وعون المعبود 3/ 165.
(¬6) أبو داود، كتاب الأدب، باب الرفق 4/ 255، والحاكم بلفظه وقال: صحيح على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي1/ 64، وانظر. صحيح سنن أبي داود3/ 913.
وذلك لأن الحزم بذل الجهد في عمل الآخرة؛ لتكثير القربات ورفع الدرجات لأن في تأخير الخيرات آفات. انظر فيض القدير3/ 277، وعون المعبود3/ 165.

الصفحة 77