كتاب الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

الدعاة إلى الله الاتصاف والتخلق بها، والصدق يكون في: القول، والنية، والعزم، والعمل.
فالصدق في القول هو أشهر أنواع الصدق، ويكون بالأخبار، فإن نقل الداعية أو غيره من المسلمين خلاف الواقع وما هو عليه فهو كاذب ومفتر، {إِنَّمَا يَفْتَرِي الْكَذِبَ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْكَاذِبُونَ} [النحل: 105] (¬1).
قال صلى الله عليه وسلم «آية المنافق ثلاث: إذا حدَّث كذب، وإذا وعد أخلف، وإذا اؤتمن خان» (¬2).
والصدق في النية: الإخلاص في العمل لوجه الله تعالى.
والصدق في العزم على العمل، كأن يقول المسلم: لئن عافاني الله لأتصدقن في سبيله بكذا، فإذا عوفي دخل الصدق بالوفاء فيما نذر به.
وقد ذم الله - عز وجل - عدم الصدق بالوفاء بالعهد: {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ - فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ - فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ} [التوبة: 75 - 77] (¬3).
والصدق في العمل: يكون بأن لا يختلف ظاهر الداعية المسلم عن باطنه (¬4) فما أجمل، وما أحسن، وما أحكم، وما أكرم من سار على هديه
¬_________
(¬1) سورة النحل، الآية 105.
(¬2) البخاري مع الفتح، كتاب الإيمان، باب علامات المنافق 1/ 89، ومسلم، في كتاب الإيمان، باب بيان خصال المنافق 1/ 87.
(¬3) سورة التوبة، الآيات 75 - 77.
(¬4) انظر: التاريخ الإسلامي، لمحمود شاكر 1/ 33.

الصفحة 88