كتاب الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى

(جـ) العدل بين العبد وبين الخلق: ببذل النصيحة، وترك الخيانة فيما قل وكثر، والإنصاف من النفس بكل وجه، ولا يكون من الداعية إلى أحد مساءة بقول أو فعل، والصبر على ما يحصل منهم من البلوى، ويعامل الخلق بالعدل التام، فيؤدي كل ما عليه (¬1).
والإحسان: مصدر أحسن يحسن إحسانًا، وهو على معنيين (¬2).
(أ) أحدهما متعد بنفسه، كقولك: أحسنت كذا، أي: حسَّنته وكملته، وهو منقول بالهمزة، من: حسن الشيء، وهذا المعنى يدل عليه حديث جبريل: «الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك» (¬3).
وهذا المعنى راجع إلى إحسان العبادة وتكميلها وتحسينها، والقيام بها كما يحب الله - تعالى على الوجه الأكمل، ومراقبة الله فيها واستحضار عظمته وجلاله: حالة الشروع فيها، وحالة الاستمرار.
(ب) والمعنى الثاني: متعد بحرف جر، كقولك: أحسنت إلى فلان، أي: أوصلت إليه ما ينتفع به، وهذا إيصال المنافع بأنواعها إلى الخلق، ويدخل في ذلك حتى الإحسان إلى الحيوانات (¬4).
ومن قواعد السلوك الحكيم التي تشتمل على عدة من أمهات الحكم العالية (¬5) قوله تعالى: {لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا} [الإسراء: 22]
¬_________
(¬1) انظر: أحكام القرآن لابن العربي3/ 1172، وأحكام القرآن للقرطبي10/ 166، وفي ظلال القرآن4/ 2190.
(¬2) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي10/ 167، وتفسير السعدي 4/ 232.
(¬3) مسلم، في كتاب الإيمان، باب بيان الإيمان والإسلام والإحسان 1/ 37.
(¬4) انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي10/ 167.
(¬5) انظر: تفسير السعدي 4/ 279، وتفسير النسفي4/ 130، والرياض الناضرة للسعدي ص 87.

الصفحة 91