كتاب الشيخ عبد الرحمن بن سعدي وجهوده في تو ضيح العقيدة

فيحيون ما اندرس من السنن، ويردون ما جد من الحوادث والبدع، ويكونون أئمة خير يهدون الناس بأمر الله إلى كل خير، وبهم يكون صلاح الدين والدنيا وبفقدهم فلا خير في الدنيا، بل هي سواهم وسوى ذكر الله ملعونة ملعون ما فيها.
كما ورد في الحديث "الدنيا ملعونة ملعون ما فيها، إلا ذكر الله وما والاه، وعالماً أو متعلماً"1.
وإن من هؤلاء الهداة الأعلام المبرزين في القرن الرابع عشر المنصرم، الشيخ العلامة عبد الرحمن بن ناصر بن عبد الله آل سعدي المتوفى في عام 1376هـ رحمه الله تعالى.
فقد بذل رحمه الله حياته، ونذر أوقاته لخدمة العلم، وقد عرف منذ حداثة سنه برغبته القوية، وحرصه الشديد على تحصيل العلم، فكان لا يصرفه عنه صارف، ولا يشغله عنه أي أمر من الأمور باذلاً له حياته صارفا فيه أوقاته، زاهداً في كل ما يشغله عن العلم والتعلم. فحفظ القرآن عن ظهر قلب في الحادية عشرة من عمره، ثم أقبل على العلماء يواظب على دروسهم، وأكب على كتب أهل العلم يقرأها وينهل من معينها فانقطع رحمه الله للعلم وتحصيله حفظاً وفهماً ودراسة ومراجعة واستذكاراً وتطبيقاً، حتى نال في وقت مبكر من عمره علوماً كثيرة وفنوناً مختلفة.
وقد بارك الله فيه وفي أوقاته ونفع به، فاستفاد منه خلق كثير في حياته، ولا يزالون ينتفعون من مؤلفاته بعد وفاته، فله رحمه الله مؤلفات كثيرة تربو على أربعين مؤلفاً في سائر فنون الشريعة، فله مؤلفات عديدة في العقيدة الإسلامية وفي التفسير وعلومه وفي الفقه وأصوله وفي محاسن الدين وآدابه وغير ذلك، وهي سهلة الأسلوب قريبة المأخذ، واضحة المعاني، جامعة شاملة.
وقد كان له رحمه الله عناية بالغة بالعقيدة الإسلامية، كشأن علماء أهل السنة والجماعة. وقد خصها بمؤلفات عديدة أفردها لبيان العقيدة وتوضيحها وللرد على من خالفها، ومؤلفاته التي أفردها في العقيدة تربو على عشرة مؤلفات، ثم إنه يُعنى بالعقيدة في سائر مؤلفاته، وكتابه "تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان" يعد مرجعاً هاماً في بيان العقيدة وتوضيحها والرد على من خالفها، وكذلك خلاصة هذا التفسير المسمى بـ "تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن". وغيرهما من مؤلفاته.
__________
1 أخرجه الترمذي 4/561 وابن ماجه 2/1377، وحسنه الألباني، انظر صحيح الجامع 3/152.

الصفحة 7