كتاب المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز (اسم الجزء: 1)

وكسر الأكتاف (¬1) والعسب، فلما هلك أبو بكر وكان عمر كتب ذلك في صحيفة واحدة فكانت عنده. فلما هلك كانت الصحيفة عند حفصة ...
ثم أرسل عثمان إلى حفصة يسألها أن تعطيه الصحيفة فأعطته إياها، فعرض المصحف عليها، فلم يختلفا في شيء، فردها إليها وطابت نفسه (¬2) ... ".
وعن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد قال: سمع عثمان قراءة أبي وعبد الله ومعاذ فخطب الناس ثم قال: إنما قبض نبيكم منذ خمس عشرة سنة وقد اختلفتم في القرآن. عزمت على من عنده شيء من القرآن سمعه من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لما أتاني به.
فجعل الرجل يأتيه باللوح والكتف والعسيب فيه الكتاب، فمن أتاه بشيء قال: أنت سمعته من رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ ثم قال: أي الناس أفصح؟ قالوا: سعيد بن العاص، قال: أي الناس أكتب؟ قالوا: زيد بن ثابت، قال: فليكتب زيد، وليمل سعيد. قال: فكتب مصاحف، فقسمها في الأمصار، فما رأيت أحدًا عاب ذلك عليه (¬3) .
قلت: كذا في كتاب ابن أبي داود (¬4) . وفي تسمية معاذ هنا نظر، فإن معاذًا توفي قبل ذلك في طاعون عمواس (¬5) في خلافة عمر، ولعل قراءته
¬__________
(¬1) الآدم: بفتح الهمزة والدال، جمع أديم، وهو الجلد المدبوغ كانوا يكتبون فيه. الكسر: بكسر الكاف وإسكان السين، جمع كسرة "بكسر فسكون"، وهي القطعة المكسورة من الشيء. الأكتاف: جمع كتف، وهو عظم عريض، كانوا يكتبون فيه أيضا لقلة القراطيس عندهم يومئذ.
(¬2) تفسير الطبري 1/ 59.
(¬3) انظر: تفسير الطبري 1/ 62.
(¬4) كتاب المصاحف ص24.
(¬5) عمواس: بكسر أوله وسكون الثاني، أو بفتح أوله وثانيه، وهي كورة من فلسطين بالقرب من بيت المقدس. كان ابتداء الطاعون فيها في أيام عمر بن الخطاب في سنة 18هـ وقيل: مات فيه خمسة وعشرون ألفا من المسلمين، فيهم معاذ بن جبل "انظر: معجم البلدان 6/ 225".

الصفحة 58