كتاب أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية - عرض ونقد - (اسم الجزء: 2)

يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا..} (¬1) .
وهذه الآية- كما هو واضح - تبين ما عليه أهل الشرك من إعراض عن عبودية الله وحده، وهي جواب المشركين حينما طلبوا الخروج من النار، والرجعة إلى الدنيا فقالوا: {فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ} فكان جوابهم {ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ} أي ذلك الذي أنتم فيه من العذاب بسبب أنه إذا دعي الله في الدنيا وحده دون غيره كفرتم به وتركتم توحيده {وَإِن يُشْرَكْ بِهِ} غيره من الأصنام أو غيرها {تُؤْمِنُوا} بالإشراك به وتجيبوا الداعي إليه، فبين سبحانه لهم السبب الباعث على عدم إجابتهم إلى الخروج من النار وهو ما كانوا فيه من ترك توحيد الله وإشراك غيره به في العبادة التي رأسها الدعاء، فهي مع ما قبله خبر عن جزاء المشركين في الآخرة، وأن مصيرهم إلى النار لا يخرجون منها، وأنهم يطلبون الرجعة إلى الدنيا ولا يجابون بسبب إشراكهم بالله في عبادته (¬2) .
ولكن الشيعة تروي عن أئمتها في تأويل الآية غير ما فهمه المسلمون منها. تقول: "عن أبي جعفر في قوله عز وجل: {ذَلِكُم بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ} بأن لعلي ولاية {وَإِن يُشْرَكْ بِهِ} من ليست له ولاية {تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ} " (¬3) .
ومعلوم أن هذا التأويل من جنس تأويلات الباطنية، إذ لا دلالة عليه من لفظ الآية ولا سياقها مطلقًا، ولذلك فإن صاحب مجمع البيان أعرض عن تأويلات طائفته حب رواياتها عن أئمتها وفسر الآية بمقتضى ظاهرها، وما قاله السلف
¬__________
(¬1) غافر، آية: 12
(¬2) انظر: تفسير الطبري: 24/48، تفسير البغوي: 4/93-94، تفسير ابن كثير: 4/79-80، فتح القدير: 4/484، تفسير القاسمي: 14/227، ابن سعدي/ تيسير الكريم الرحمن 6/512 وغيرها
(¬3) البرقي/ كنز جامع الفوايد ص277، بحار الأنوار: 23/364، وانظر: تفسير القمي: 2/256، أصول الكافي: 1/421، البرهان 4/93-94، تفسير الصافي: 4/337

الصفحة 430