كتاب أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية - عرض ونقد - (اسم الجزء: 1)

المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا. من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
وبعد..
فإن من أصول الإسلام العظيمة الاعتصام بحبل الله جميعاً وعدم التفرق قال تعالى: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} (¬1) وقال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} (¬2) .
وقد كان المسلمون على ما بعث الله به رسوله من الهدى ودين الحق الموافق لصحيح المنقول وصريح المعقول، فلما قتل عثمان - رضي الله عنه وأرضاه - ووقعت الفتنة، فاقتتل المسلمون بصفين، مرقت المارقة (¬3) . التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم: "تمرق مارق على حين فرقة من المسلمين، يقتلهم أولى الطائفتين بالحق" (¬4) وكان مروقها لما حكم الحكمان، وتفرق الناس على غير اتفاق.
ثم حدث بعد بدعة
¬__________
(¬1) آل عمران، آية: 103
(¬2) الأنعام، آية: 159
(¬3) المارقة: لقب من ألقاب الخوارج، والخوارج: هم الذين خرجوا على علي - رضي الله عنه - بعد التحكيم، فقاتلهم علي يوم النهروان، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتالهم في الأحاديث الصحيحة، ففي الصحيحين عشرة أحاديث فيهم، أخرج البخاري منها ثلاثة، وأخرج مسلم سائرها (شرح الطحاوية ص 530) وساقها جميعاً ابن القيم في تهذيب السنن: 4/148-153، وانظر في عقائدهم وفرقهم: الفرق بين الفرق، ص72 وما بعدها، الملل والنحل: 1/146 وما بعدها، الفصل: 5/51-56
(¬4) انظر: صحيح مسلم (بشرح النووي) كتاب الزكاة، باب ذكر الخوارج وصفاتهم: 7/168

الصفحة 5