كتاب أصول مذهب الشيعة الإمامية الإثني عشرية - عرض ونقد - (اسم الجزء: 2)
فأنت ترى أن هذا النفي المحض الذي استقاه من ركام الفلاسفة وغثاء الملاحدة يتضمن نفي الوجود الحق {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (¬1) .
وليس هذا بجديد، فهو سبيل من زاغ وحاد عن منهج الرسل عليهم السلام "من الكفار والمشركين والذين أوتوا الكتاب ومن دخل في هؤلاء من الصابئة (¬2) . والمتفلسفة والجهمية (¬3) . والباطنية (¬4) . ونحوهم. فإنهم يصفونه سبحانه بالصفات
¬__________
(¬1) الصافات، آية: 180-182
(¬2) ذهب جملة من الصابئة إلى وصف الله سبحانه بالسلوب، ولذلك قال البيروني عن صابئة حران: إنهم يصفون الله سبحانه بالسلب لا بالإيجاب كقولهم: لا يحد ولا يرى ولا يظلم ولا يجور، ويسمونه بالأسماء الحسنى مجازًا إذ ليس عندهم صفة بالحقيقة، وينسبون التدبير إلى الفلك وأجرامه (الآثار الباقية عن القرون الخالية ص205) .
وطائفة الصابئة عمومًا اختلف في أمرها فقد أخرج الطبري بسنده عن مجاهد وغيره أنهم قالوا: "الصابئون قوم بين المجوس واليهود والنصارى ليس لهم دين". (انظر: تفسير الطبري: 2/146 من تحقيق أحمد ومحمود شاكر) . وهذا ما رجحه ابن كثير (انظر: تفسير ابن كثير: 1/107) ، واختار الرازي أن الصابئين قوم يعبدون الكواكب في زمان إبراهيم (اعتقادات فرق المسلمين والمشركين ص143) ويذكر الشهرستاني أن الفرق في زمان إبراهيم يرجعون إلى صنفين: صابئة وحنفاء (الملل والنحل: 1/230) . وأنهم بحكم ميلهم عن سنن الحق وزيغهم عن نهج الأنبياء قيل لهم الصابئة، لأن صبأ في اللغة بمعنى مال وزاغ (المصدر السابق: 2/5) وانظر عن الصابئة (بالإضافة لما أشي إليه من مصادر) : التبصير في الدين للإسفراييني ص59، الرد على المنطقيين لابن تيمية ص287-289، 454-457، الخطط للمقريزي: 2/344
(¬3) الجهمية: أتباع الجهم بن سفوان. من ضلالاته القول بنفي الصفات وبدع أخرى كالقول بالإرجاء، والجبر، وفناء الجنة والنار. (انظر عن الجهم والجهمية: الرد على الجهمية للإمام أحمد ص64 وما بعدها، خلق أفعال العباد للبخاري ص118 وما بعدها، الأشعري/ مقالات الإسلاميين: 1/214 وما بعدها، التنبيه والرد/ للملطي ص218، التبصير في الدين/ للإسفراييني ص63، والبدء والتاريخ/ للمقدسي: 5/146، تاريخ الجهمية والمعتزلة للقاسمي وغيرها) . ومصطلح الجهمية لم يعد مختصًا بالجهمية المحضة أتباع جهم بن صفوان. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "إن السلف كانوا يسمون كل من نفى الصفات وقال: إن القرآن مخلوق وإن الله لا يرى في الآخرة - جهميًا" (مجموع الفتاوى: 12/119) ، وقال في موضع آخر: "ومن الجهمية: المتفلسفة والمعتزلة الذين يقولون: إن كلام الله مخلوق.." (المصدر السابق: 12/524)
(¬4) الباطنية: من ألقاب الإسماعيلية ومر التعريف بها ص: (97)
الصفحة 538
1381