كتاب مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة

((قد والله علمت، لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعظم بركة من أمري)) (¬1).
وهكذا ينبغي للدعاة إلى الله أن يسلكوا طريق الحكمة في دعوتهم اقتداء بنبيهم - صلى الله عليه وسلم -.

الصورة السابعة: مع ثمامة
روى البخاري ومسلم عن أبي هريرة - رضي الله عنه - أنه قال: بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيلاً قِبَلَ نجد، فجاءت برجل من بني حنيفة، يقال له ثمامة بن أُثال، سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد، فخرج إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((ماذا عندك يا ثمامة؟)) فقال: عندي يا محمد خير، إن تقتل تقتل ذا دم (¬2)، وإن تُنعم تُنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تُعطَ منه ما شئت؛ فتركه رسول الله حتى كان بعد الغد، فقال: ((ما عندك يا ثمامة؟)) فقال: ما قلت لك، إن تُنعم تُنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعطَ منه ما شئت؟ فتركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى كان من الغد، فقال: ((ماذا عندك يا ثمامة؟))، فقال: عندي ما قلت لك، إن تُنعم تُنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تُعطَ منه ما شئت؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أطلقوا ثمامة)) , فانطلق إلى نخلٍ قريبٍ من المسجد، فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال: ((أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، يا محمد! والله ما كان على
¬_________
(¬1) ذكره ابن كثير في البداية والنهاية، 4/ 185، وانظر: شرح النووي على مسلم، 16/ 139، وهذا الحبيب يا محبّ، ص336.
(¬2) معناه: أن تقتل تقتل صاحب دم يدرك قاتله به ثأره لرئاسته وفضيلته، وقيل: معناه تقتل من عليه دم مطلوب به، وهو مستحق عليه فلا عتب عليك في قتله. انظر: فتح الباري، 8/ 88.

الصفحة 123