كتاب مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة
المبحث الرابع: العجلة والاستعجال
المطلب الأول: مفهوم العجلة وصورها
الاستعجال: هو طلب وقوع الأمر قبل وقته، وهو صفة مذمومة. والذي يحرك هذه الصفة: هو أن طبيعة الإنسان العجلة {خُلِقَ الإِنسَانُ مِنْ عَجَلٍ} (¬1)، ولكن المؤمن يعمل بالأسباب، ويبتعد عن أسباب العجلة.
وللعجلة صور في حياة الناس، منها:
1 - استعجال نزول العذاب بالمخالفين، وهذا أمارة وعلامة اليأس الذي لا يليق بالدعاة إلى الله تعالى: {فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا} (¬2).
2 - استعجال البروز قبل النضوج والرسوخ في العلم، فلا يجوز الاستعجال في ذلك بدون بصيرة؛ ولهذا قال بعضهم:
من تَحلّى بغير ما هو فيه ... فضحته شواهد الامتحان (¬3)
وقد قيل: العلم ثلاثة أشبار: من دخل في الشبر الأول تكبّر، ومن دخل في الشبر الثاني تواضع، ومن دخل في الشبر الثالث علم أنه ما يعلم (¬4)، {لاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِمَا أَتَواْ وَّيُحِبُّونَ أَن يُحْمَدُواْ بِمَا لَمْ
يَفْعَلُواْ فَلاَ تَحْسَبَنَّهُمْ بِمَفَازَةٍ مِّنَ الْعَذَابِ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (¬5).
¬_________
(¬1) سورة الأنبياء، الآية: 37.
(¬2) سورة مريم، الآية: 84.
(¬3) انظر: الدعوة والدعاة بين تحقيق التوكل واستعجال النتائج لسليم الهلالي، ص74.
(¬4) انظر: المرجع السابق، ص75.
(¬5) سورة آل عمران، الآية: 188.
الصفحة 152
384