كتاب مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة

والمداراة هي الرفق بالجاهل في التعليم، وبالفاسق في النهي عن فعله وترك الإغلاظ عليه حيث لا يظهر ما هو فيه، والإنكار عليه بلطف القول والفعل لاسيما إذا احتيج إلى تألفّه ونحو ذلك (¬1).
وقد قال الله تعالى لموسى وهارون: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولا لَهُ قَوْلا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (¬2)، ومعنى: {فَقُولا لَهُ قَوْلا لَّيِّنًا}: يقول: دارياه وارفقا به (¬3)، وقد استدل بهذه الآية المأمون عندما عنّفه واعظ وشدّد عليه القول، فقال: يا رجل ارفق، فقد بعث الله من هو خير منك إلى من هو شر مني وأمره بالرفق، فقال: {فَقُولا لَهُ قَوْلا لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (¬4)، ويؤيد ذلك قوله تعالى: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ الله لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} (¬5).
ولهذا قال القائل:

وإذا عجزت عن العدوِّ فداره ... وامزح له إن المزاحَ وفاقُ
فالنارُ بالماء الذي هو ضدُّها ... تُعطي النِّضاح وطبعُها الإحراقُ

فظهر مما تقدم:
1 - أن الرفق واللين: لين الجانب بالقول، والفعل، والأخذ بالأسهل
¬_________
(¬1) فتح الباري، 10/ 528.
(¬2) سورة طه، الآيتان: 43 - 44.
(¬3) تفسير البغوي، 3/ 219.
(¬4) انظر: إحياء علوم الدين للغزالي، 2/ 334. وانظر: الرفق واللين للدكتور فضل إلهي، ص12.
(¬5) سورة آل عمران، الآية: 159.

الصفحة 161