كتاب مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة
فقد جعل الله الإمامة في الدين موروثة بالصبر واليقين {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} (¬1)، فإن الدين كله علم بالحق وعمل به، والعمل به لابد فيه من صبر، والداعية لابد له من أن يعلم الحق ويعمل به حتى يقوم بالدعوة، ولا يقوم بالدعوة إلا بالصبر على ما أصابه.
الحادي عشر: الصبر ينتصر به الداعية على عدوه - مع الأخذ بالأسباب - من الكفار والمنافقين، والمعاندين، وعلى من ظلمه من المسلمين ولصاحبه تكون العاقبة الحميدة، قال - عز وجل -: { ... وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ الله بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (¬2)، وقال تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَمِنَ الَّذِينَ أَشْرَكُواْ أَذًى كَثِيرًا وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} (¬3)، وحكى الله عن يوسف عليه الصلاة والسلام قوله وبأي شيء نال النصر والتمكين، فقال لإخوته حينما سألوه: {أَإِنَّكَ لأَنتَ يُوسُفُ قَالَ أَنَاْ يُوسُفُ وَهَذَا أَخِي قَدْ مَنَّ الله عَلَيْنَا إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (¬4) , ولابد بعون الله وتوفيقه من النصر للداعية المتقي الصابر العامل بما أمره ربه، ومن ذلك الأخذ بجميع الأسباب المشروعة {وَاصْبِرْ فَإِنَّ الله لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (¬5).
¬_________
(¬1) سورة السجدة، الآية: 24.
(¬2) سورة آل عمران، الآية: 120.
(¬3) سورة آل عمران، الآية: 186.
(¬4) سورة يوسف، الآية: 90.
(¬5) سورة هود، الآية: 115.
الصفحة 183
384