كتاب مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة
فأتاهم قبيلة قبيلة يعرض عليهم الإسلام كما كان يدعوهم منذ السنة الرابعة من النبوة.
ولم يكتف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعرض الإسلام على القبائل فحسب، بل كان يعرضه على الأفراد أيضاً.
وكان - صلى الله عليه وسلم - يرغب جميع الناس بالفلاح، فعن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه، قال: أخبرني رجل يقال له: ربيعة بن عباد، من بني الديل، وكان جاهليّاً، قال: رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - في الجاهلية في سوق ذي المجاز وهو يقول: ((يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا))، والناس مجتمعون عليه، ووراءه رجل وضيء الوجه، أحول، ذو غديرتين، يقول: إنه صابئ كاذب، يتبعه حيث ذهب، فسألت عنه، فذكروا لي نسب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا: هذا عمه أبو لهب (¬1).
وقد كانت الأوس والخزرج يحجّون كما تحجّ العرب دون اليهود، فلما رأى الأنصار أحواله - صلى الله عليه وسلم - ودعوته، عرفوا أنه الذي تتوعدهم به اليهود، فأرادوا أن يسبقوهم؛ ولكنهم لم يبايعوا النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه السنة، ورجعوا
إلى المدينة (¬2).
وفي موسم الحج من السنة الحادية عشرة من النبوة، عرض النبي - صلى الله عليه وسلم -
¬_________
(¬1) أخرجه أحمد، 4/ 341، 3/ 492، وسنده حسن، وله شاهد عند ابن حبان، برقم 1683 (موارد) من حديث طارق بن عبد الله المحاربي، والحاكم في المستدرك بإسنادين، وقال عن الإسناد الأول: صحيح على شرط الشيخين، رواته كلهم ثقات أثبات، 1/ 15.
(¬2) انظر: زاد المعاد، 3/ 43، والتاريخ الإسلامي لمحمود شاكر، 2/ 136، والرحيق المختوم،
ص129، والبداية والنهاية، 3/ 149، وابن هشام، 2/ 31.
الصفحة 225
384