كتاب مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة
الصورة الحادية عشرة: جرح وجهه وكسرت رباعيته - صلى الله عليه وسلم -:
وعن سهل بن سعد - رضي الله عنه - أنه سُئلَ عن جرح النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد فقال: جُرِحَ وجه النبي - صلى الله عليه وسلم - وكُسِرَت رباعيته، وهُشِمَت البيضة على رأسه، فكانت فاطمة رضي الله عنها تغسل الدم، وعليٌّ - رضي الله عنه - يمسك، فلما رأت الدم لا يرتد إلا كثرة أخذت حصيراً فأحرقته حتى صار رماداً، ثم ألزقته فاستمسك الدم (¬1).
وقد حصل له هذا الأذى العظيم الذي ترتج لعظمته الجبال، هو نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يدع على قومه، بل دعا لهم بالمغفرة، لأنهم لا يعلمون.
فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: كأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول: ((اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)) (¬2).
فالأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- وعلى رأسهم محمد - صلى الله عليه وسلم - قد كانوا (¬3) على جانب عظيم من الحلم والتصبر، والعفو والشفقة على قومهم ودعائهم لهم بالهداية والغفران، وعذرهم في جنايتهم على أنفسهم بأنهم
¬_________
(¬1) البخاري مع الفتح، كتاب الجهاد، باب لبس البيضة، 6/ 96، برقم 2911، ومسلم، كتاب الجهاد، باب غزوة أحد، 3/ 1416، برقم 1790.
(¬2) البخاري مع الفتح، كتاب الأنبياء، باب حدثنا أبو اليمان، 6/ 514، برقم 3477، وكتاب استتابة المرتدين، باب حدثنا عمر بن حفص، 12/ 282، برقم 6929، وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد، باب عزوة أحد، 3/ 1417، برقم 1792، وانظر: شرحه في الفتح، 6/ 521، وشرح النووي لصحيح مسلم، 12/ 148.
(¬3) انظر: شرح النووي لمسلم، 12/ 148.
الصفحة 229
384