كتاب مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة

فاقتتلوا والكفار ... فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو على بغلته كالمتطاول عليها إلى قتالهم، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((الآن حمي الوطيس)) (¬1).
وظهرت شجاعة النبي - صلى الله عليه وسلم - التي لا نظير لها في هذا الموقف الذي عجز عنه عظماء الرجال (¬2).
وسئل البراء، فقال له رجل: يا أبا عمارة، أكنتم وليتم يوم حنين؟ قال: لا والله ما ولّى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، ولكنه خرج شبان أصحابه (¬3) وأخفاؤهم (¬4) حسراً (¬5) ليس عليهم سلاح أو كثير سلاح، فلقوا قوماً رماة لا يكاد يسقط لهم سهم، جمع هوازن، وبني نصر، فرشقوهم رشقاً (¬6)،ما يكادون يخطئون، فانكشفوا، فأقبل القوم إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -
وأبو سفيان بن الحارث يقود بغلته، فنزل ودعا واستنصر وهو يقول:

أنا النبيُّ لا كَذِبْ ... أنا ابنُ عبدِ المطّلبْ
اللهم نزِّل نصرك (¬7)
¬_________
(¬1) مسلم، في كتاب الجهاد والسير، باب: غزوة حنين، وقد اختصرت ألفاظه،3/ 1398،برقم 1775.
(¬2) انظر: الرحيق المختوم، ص401، وهذا الحبيب يا محب، ص408.
(¬3) جمع شباب. شرح النووي لمسلم، 12/ 117.
(¬4) جمع خفيف، وهم المسارعون المستعجلون. شرح النووي لمسلم، 12/ 117.
(¬5) حسراً: جمع حاسر، أي بغير دروع، وقد فسره بقوله: ليس عليهم سلاح. شرح النووي لمسلم،12/ 117.
(¬6) رشقا: هو بفتح الراء، وهو مصدر، وأما الرشق بالكسر فهو اسم للسهام التي ترميها الجماعة دفعة واحدة. انظر: شرح النووي، 12/ 118.
(¬7) مسلم، في كتاب الجهاد والسير، باب غزوة حنين، مع التصرف في بعض الكلمات، 3/ 1400، برقم 1776، والبخاري مع الفتح، كتاب الجهاد، باب من صف أصحابه عند الهزيمة ونزل عن دابته فاستنصر،6/ 150، برقم 2929، 8/ 27، 28، برقم 4317.

الصفحة 236