كتاب مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة
الصورة العاشرة: صبر عمير بن الحُمَام - رضي الله عنه -:
ويدل على رغبة الصحابة - رضي الله عنهم - فيما عند الله ما فعل عُمير بن الحُمام في بدر حينما سمع رسول الله يقول لأصحابه: ((قومُوا إلى جَنّةٍ عرضُهَا السّموات والأرضُ)) فقال: يا رسول الله جنة عرضها السموات والأرض؟ قال: ((نعم)). قال: بخ بخ (¬1)، فقال - صلى الله عليه وسلم -: ((ما يحملك على قولك بخ بخ؟))، قال: لا والله يا رسول الله إلا رجاء أن أكون من أهلها. قال: ((فإنك من أهلها)) فأخرج تمرات من قرنه (¬2) فجعل يأكل منهن ثم قال: لئن أنا حييت حتى آكل من تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، فرمى بما كان معه من التمر ثم قاتل حتى قتل (¬3).
وهذه النماذج تدل على صبر الصحابة وحكمتهم العظيمة، وصدقهم مع الله ورغبتهم فيما عنده - سبحانه - من الثواب وزهدهم في الدنيا.
والصحابة - رضي الله عنهم - لهم مواقف حكيمة كثيرة لا تُحْصَى، ولكن ما ذكرته هنا
من مواقفهم ما هو إلا بعض الأمثلة اليسيرة من المواقف الحكيمة التي تدل على حكمتهم ويستفيد منها الدعاة إلى الله -تعالى -.
وأسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا. والله المستعان.
¬_________
(¬1) كلمة تقال لتعظيم الأمر وتفخيمه في الخير. انظر: شرح النووي، 13/ 45.
(¬2) أي جعبة النشاب. انظر: شرح النووي، 13/ 46.
(¬3) مسلم، كتاب الإمارة، باب ثبوت الجنة للشهيد، 3/ 1510، برقم 1901.
الصفحة 248
384