كتاب مقومات الداعية الناجح في ضوء الكتاب والسنة

وكان - صلى الله عليه وسلم - يعطي العطاء ابتغاء مرضاة الله - عز وجل - وترغيباً للناس في الإسلام، وتأليفاً لقلوبهم، وقد يُظهر الرجل إسلامه أولاً للدنيا ثم - بفضل الله تعالى، ثم بفضل النبي - صلى الله عليه وسلم - ونور الإسلام - لا يلبث إلا قليلاً حتى ينشرح صدره للإسلام بحقيقة الإيمان، ويتمكّن من قلبه، فيكون أحب إليه من الدنيا وما فيها (¬1).
ولهذا شواهد كثيرة، منها: ما رواه مسلم في صحيحه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - غزا غزوة الفتح - فتح مكة - ثم خرج - صلى الله عليه وسلم - بمن معه من المسلمين فاقتتلوا بحنين، فنصر الله دينه والمسلمين، وأعطى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ صفوان بن أمية مائة من الغنم، ثم مائة، ثم مائة، قال صفوان: والله لقد أعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما أعطاني وإنه لأبغض الناس إليّ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إليّ (¬2).
وقال أنس - رضي الله عنه -: ((إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا فما يسلم حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها)) (¬3).
¬_________
(¬1) انظر: شرح النووي على مسلم، 15/ 72.
(¬2) مسلم، كتاب الفضائل، باب ما سئل - صلى الله عليه وسلم - شيئاً قط فقال: لا، وكثرة عطائه، برقم 2313.
(¬3) مسلم، في الكتاب والباب المشار إليهما آنفاً، 4/ 1806.

الصفحة 335