كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 17)

أنه] لم يعرف أنه مسكر لم يحد.
وهذا بخلاف الشهادة على الزنى؛ حيث لا تسمع حتى يفسر الشاهد الزنى؛ لأن الزنى يعبر به عن الصريح وعن دواعيه؛ قال صلى الله عليه وسلم: "العينان تزنيان"، بخلاف الشرب، واعتبر الماوردي في "الأحكام" أن يتعرض الشاهد للاختيار في الشرب.
أما إذا وجد شخصا سكران، أو شم منه رائحة الخمر، أو تقيأ مسكرا – لم يجب عليه الحد؛ لاحتمال حصول ذلك من غير الخمر، وإن كان منه فيحتمل أنه لم يعرف [أن ذلك] خمر، أو عرف وهو مكره.
وفي "الحاوي": أن ابن أبي هريرة قال: يحد بالسكر، إلا أن يدعي ما يسقط الحد، واستدل له [بأن عثمان قال:] "ما تقيأ إلا وقد شربها"؛ فأمر عليا بإقامة الحد عليه. ونسب الماوردي في الأحكام هذا إلى أبي عبد الله الزبيري.
ولا يقيم [حد الشرب] على الأحرار غير الإمام [أو نائبه] على المشهور، وفيه ما ذكرناه في باب حد الزنى.
ويقيمه على العبد مولاه، وهو المذهب، وفي "تعليق" القاضي الحسين عن بعضهم حكاية وجهين فيه، وحكى الرافعي وجه المنع عن رواية أبي خلف الطبري عن رواية القفال، والفرق بينه وبين حد الزنى: أن للسيد في بضع الأمة حقا، وكذلك في بضع العبد؛ ألا ترى أنه لا ينكح إلا بإذن سيده، فمكن من جلد المملوك؛ لجنايته على محل [حقه! والشرب] بخلافه.
قال: ومن زنى دفعات، [أو سرق دفعات]، أو شرب المسكر دفعات ولم يحد – أجزأه عن كل جنس حد واحد؛ لأن سببها واحد فتداخلت؛ لحصول الحكمة.
قال القاضي الحسين: ولا نقول في الزنى مثلا الحد يقابل الزنية الأولى، بل

الصفحة 417