كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 17)

وقال: إنهم لم يختلفوا فيه، وكذا لم يورد القاضي الحسين هنا سواه، وكذلك البندنيجي، وقال: إن بهذا تأول أصحابنا ما روي عن علي –كرم الله وجهه- أنه جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة.
قال [الشيخ]: ويحتمل أن يقتصر على رجمه؛ لأنهما من [جنسين اتفق موجبهما]؛ فدخل أخف الحكمين في أغلظهما؛ كما يدخل الوضوء في الجنابة.
وقد حكى الماوردي الوجهين عن الأصحاب في باب حد الزنى، وكذلك الإمام في باب قاطع الطريق، وهما جاريان – كما قال الرافعي - هنا في ما إذا زنى المحصن، ثم نقض العهد، واسترق، فزنى ثانيا – في دخول الجلد في الرجم، وقد ادعى الإمام أن الثاني هو المذهب، وعليه جرى الغزالي فجعله في "الوسيط" الأظهر، وهو الموافق لما حكاه الماوردي في كتاب اللعان؛ حيث قال حكاية عن أبي اسحاق: وإذا جمع بين حدين على القاذف لزوجته [يرميها بزنى في حال الزوجية]، وبعد البينونة بزنى آخر؛ لاختلاف حكمهما – وجب إذا زنى وهو بكر، فلم يحد حتى زنى بعد إحصانه: أن يحد حدين؛ لاختلاف حكمهما وإن تجانسا؛ لأن الحد الأول: جلد، والثاني: رجم؛ فيجلد ويرجم.
قال: وهذا غلط؛ لأن حد الزنى من حقوق الله – تعالى - فجاز أن يدخل أخفهما في أغلظهما عند التجانس، ولم يجز مثل ذلك في حقوق الآدميين.
وعلى الأول قال الشيخ أبو علي – كما حكاه الرافعي في اللعان -: لو زنى العبد، ثم عتق، فزنى قبل الإحصان – فعليه خمسون؛ لزناه في الرق، ومائة؛ لزناه في الحرية؛ لاختلاف الحدين.
والأصح: أنه يجلد مائة، [ويدخل الأقل في الأكثر، ويغرب.
قال: وعلى هذا: لو زنى وهو حر بكر، فجلد خمسين، وترك لعذر [قام به]،

الصفحة 419