كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 17)

فزنى مرة أخرى – فيجلد مائة،] وتدخل الخمسون الباقية فيها، وهذا قد صرح به الرافعي في باب حد قاطع الطريق أيضا، وقال – حكاية عن "التهذيب" -: إن الزنى الثاني لو كان بعد الإحصان، إنه يجلد خمسين ثم يرجم. ثم قال: ويشبه أن يكون [على] الخلاف المذكور في الحر فيما إذا زنى [وهو] بكر، ثم زنى وهو [محصن] ثيب.
قال: وإن زنى – أي: وهو بكر- وسرق وشرب الخمر، وجب لكل واحد [منها] حد؛ لأن أسبابها مختلفة فلم تتداخل.
قال: فيبدأ بحد الشرب، ثم يجلد [في الزنى]، ثم يقطع في السرقة؛ تقديما للأخف فالأخف؛ إذ هو أقرب إلى استيفاء الكل، وسواء تقدم ما قدمناه أو تأخر.
وإتيان الشيخ بلفظة "ثم" المقتضية للترتيب والتراخي؛ ليعرفك أنه لا يحد للزنى عقيب جلده عن الشرب، ولا يقطع للسرقة عقيب جلده للزنى، [بل] لا يستوفي كل حد حتى يبرأ مما قبله، كما صرح به الأصحاب والشيخ من بعد. لكن حد السرقة [عقيب جلد الزنى] يقام قبل التغريب، أو يؤخر عنه؛ لأنه من تمام حد الزنى؟ لم أر للأصحاب تعرضا له، بل لفظ الشافعي – رضي الله عنه - يدل على عدم وجوبه؛ لأنه قال – كما نقله الماوردي -: إذا اجتمعت على رجل حدود وقتل بدئ بحد القذف، ثم حبسه، فإذا برأ حد للزنى، فإذا برأ قطعت يده اليمنى ورجله اليسرى من خلاف.
لكن لك أن تقول: في لفظ الشافعي – رضي الله عنه - ذكر القتل، وقد
قلتم: إن التغريب يغني عنه الرجم، [فكذلك القتل يغني عنه]، ولفظ الإمام:
إنه يجلد للشرب، ثم يتركه حتى يندمل، ثم يجلد للزنى ويتركه حتى يندمل،

الصفحة 420