كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 17)

الله -تعالى- أو حق الآدمي، أو يستويان؛ لأنهما استويا في التأكد وعدم السقوط بالشبهات؟ ويعارض فيهما حاجة الآدمي والتأكد بالإضافة إلى الله – تعالى - ومصرفه للآدمي أيضا؛ فتردد القول فيها، هكذا ذكر الفرق الإمام وغيره.
وفرق القاضي الحسين بأن القصد من القطع في السرقة وقطع الطريق: التنكيل والزجر، وقد حصل ذلك المعنى بقطعهما قصاصا؛ ألا ترى أنه لو سقط ذلك بأكله سقط [القطع]، ولو قطع الجلاد يساره سقط القطع في يمينه؟! والمقصود من الزكاة ونحوها إغناء المساكين وإيصالها إلى المستحق؛ ألا ترى أنها لا تسقط بتلف المال ولا تتداخل كحقوق الآدميين؟!
ولو قطع يمين إنسان [في غير محاربة] [قطعا يستحق به أخذ يمينه قصاصا وأخذ المال في المحاربة]، فإن عفا مستحق القصاص قطعت يمينه ورجله اليسرى حدا، وإلا فيقدم القصاص، وقطع الرجل اليسرى يقع بعده، لكن في الحال [أو يمهل إلى] الاندمال؟ فيه وجهان:
أصحهما في "الرافعي" –وهو المذكور في "الوجيز" -: الأول؛ لأن المولاة بين العقوبتين مستحقة لولا ذلك القصاص، وما يخاف من الموالاة لا يختلف بين أن يكون قطع اليمين عن الحد – أيضا - أو عن القصاص.
والثاني: يمهل إلى الاندمال؛ لأن اليمين إذا لم تقطع حدا فالمستحق عن جهة الحد قطع الرجل؛ فأشبه ما إذا استحق طرفاه عن جهتين. وهذا ما أورده القاضي [الحسين]، وهو الذي يظهر مما ذكرناه عن القاضي أبي الطيب وابن الصباغ من بناء الخلاف المذكور في الكتاب في الموالاة بين قطع اليد والرجل، فيما إذا اجتمع عليه قطع السرقة وقطع [في] المحاربة –على أن قطع اليد تقع لأجل المحاربة [أو لا]؟ ولأجل ذلك قلت في أول هذه الفروع: إنه ينبغي ألا يوالي بين قطع اليد والرجل، وإذ قد جرى الخلاف في هذه الصورة فهو في تلك أولى.

الصفحة 424