كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 17)

فروع:
لو زنى المرتد في حال ردته أو شرب، فهل يكتفى بقتله أم يقام عليه الحد ثم يقتل؟ فيه وجهان عن رواية ابن كج، وأصحهما: الثاني، وقد حكيناهما في باب الردة، وحكاهما الماوردي في دخول حد السرقة في القتل بالردة -أيضا- وهما جاريان فيما لو سرق ثم قتل في المحاربة، في أن حد السرقة هل يندرج في القتل، أم يقطع ثم يقتل، كما حكاهما ابن الصباغ؟ ويظهر جريانهما فيما إذا سرق ثم زنى وهو محصن.
إذا اجتمعت عليه حقوق متمحضة للآدميين؛ بأن قذف شخصا، وقطع يد آخر، وقتل آخر –بدئ بحد القذف وإن كان متأخرا عن القطع والقتل، ثم يترك حتى يبرأ ظهره، خشية أن يموت قبل أن يستوفى منه قصاص النفس، ثم تقطع يده وإن كان القتل متقدما، ويقتل من غير إمهال؛ لأن في ذلك جمعا بين الحقوق، وإذا أمكن استيفاؤها فلا سبيل إلى تفويت بعضها.
وأبدى الإمام ترددا – أقامه الغزالي وجهين - فيما إذا رضي مستحق القتل بتعجيل القطع [قبل براءة ظهره من الجلد، في أن يبتدر] القطع بعد الجلد، ورأى الأظهر والأفقه: عدمه؛ لأنا لو أتبعنا الجلد القطع؛ فليس ما يعرض من موت بسبب توالي العقوبتين واقعا عن القصاص المستحق في النفس؛ فهو يفضي إلى موت غير معتد به، ولا سبيل إلى اهدار الروح. نعم، لو علمنا قطعا أنه لو جلد وقطع على التوالي لم تفض نفسه على الفور، وإن صار ألما به، فإذا قال صاحب النفس: عجلوا وأنا أقبل، فيجب القطع ها هنا بأن له ذلك، وما قدمناه فيه إذا كنا نجوز أن تفيض نفسه لتوالي العقوبتين.
قلت: وما ذكره من المعنى المفضي لمنع التوالي، موجود هنا؛ لأن مستحق القصاص في النفس لا يتعين حقه على الفور كما تقدم، [وقد صرح] به الإمام هنا؛ فقد يقول ذلك ثم يعن له ألا يستوفي القصاص على الفور؛ فيفضي إلى ذهاب نفسه هدرا [كما تقدم] أيضا.

الصفحة 426