كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 17)

القدرة عليه سقط قولا واحدا، وإن تاب بعد القدرة فقولان، وإن منهم من قال على الإطلاق: قولان، وهو الصحيح؛ لأنه قبل المرافعة وبعدها مقدور عليه، وهذا الطريق هو الذي حكاه في باب حد قاطع الطريق، وأورده الرافعي مع الأول، واقتضاه إطلاق الإمام في باب حد الزنى؛ فإنه ذكر بعد حكاية [القولين فيه]، وتصحيح عدم السقوط –كما صار إليه الرافعي وحكاه عن الجديد - سؤالا، فقال: فإن قيل: أليس [قد] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من أتى من هذه القاذورات شيئا فليستتر بستر الله". ولو كان الحد لا يسقط بالتوبة لكان فيما ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم تحريض على كتمان الحق- قلنا: لا يمتنع أن تكون توبة المستتر الذي لا يبدي صفحته بمثابة توبة [قاطع الطريق قبل الظفر به، وفيما ذكرناه احتمال؛ فإن سبب قبول توبة] المحاربين عطفهم على الطاعة، وردهم بالاستمالة إليها، وهذا المعنى لا يتحقق فيما ذكرناه، والمسألة محتمله، وتمام الحديث يدل على أن الوبة بعد ظهور وجوب الحد لا تنجع؛ فإنه – عليه السلام - قال في تتمة الحديث: "فإنه من يبدي لنا صفحته نقم عليه حد الله تعالى" وهذا نص في أن التوبة لا تنفع، ووجهه من جهة المعنى: خشية صيرورتها ذريعة إلى إبطال حكم الحد؛ إذ الغرض هو الردع والزجر، ولا يعجز مرتكب ما يوجب الحد عن إظهار التوبة، ثم الحكم بالظاهر، والله يتولى السرائر. ووجه مقابله – على هذا التقدير -: أنه روي في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم قال لماعز: "ارجع فاستغفر لله وتب إليه"،

الصفحة 429