كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 17)

تقدم الفرق بينهما. وهذا هو المشهور، والذي جزم به العراقيون والقاضي الحسين.
وقد حكينا عن الإمام وجها في أن إصلاح العمل لا يعتبر ها هنا -أيضا- وأن الأصحاب مجمعون عليه؛ كإظهار الإسلام تحت ظلال السيوف، قال: ثم سبيل التفريع –على ما ذكره القاضي -: [أن] من أظهر التوبة امتحناه سرا وعلنا، فإن ظهر الصلاح في أعماله حكمنا بسقوط الحد، وإن بدا نقيد ذلك [فالتوبة لا تسقط] هذا الحد. وهذا كلام مضطرب؛ فإن هذا التائب إن حبس كان محالا، وإن خلي سبيله، فكيف يتبع وكيف يعرف صلاحه، وهل هو مرعي في قبيل ما تاب عنه أو في جميع الأحوال؟ ولا ضبط لهذا الكلام. وأنا أقول: ذكر التوبة [المجردة قبل الظفر يدل على سقوط الحد بها، وذكر التوبة] مع إصلاح العمل يدل على [أن] المغفرة باطنة، والحدود مقامة.
وقال الرافعي: يشبه أن يقال في التفريع على مذهب القاضي: إن التوبة إذا ظهرت امتنعنا عن إقامة الحد عليه، فإن ظهر الصلاح من بعد، أو لم يظهر ما يخالف التوبة فذاك، وإن ظهر ما يخالفها أقمنا الحد عليه، والله أعلم.
واعتبار السنة في إصلاح العمل بعد التوبة؛ لتمضي عليه الفصول الأربعة التي قد تتغير فيها الطباع، وسيأتي [في ذلك]-أيضا- خلاف في كتاب الشهادات، إن شاء الله تعالى.
فرع: حكى القاضي الحسين في باب حد الزنى أن ابن المرزبان قال: إذا قلنا [إن] التوبة تسقط حد الزنى، فقتله قاتل بعدها وهو محصن –فلا يختلف المذهب: أن عليه الدية، وهل عليه القود؟ فيه وجهان، وجه المنع: بشبهة الخلاف.
قلت: وهذا شبيه بالخلاف الذي مضى فيما إذا قتل من أقر به بعد أن رجع عنه.

الصفحة 431