كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 17)

فروع نختم بها كتاب الحدود -:
لا يجوز للإمام العفو عن الحد، ولا تجوز الشفاعة فيه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لعن الله الشافع والمشفع"، قال الماوردي: وقد أتي معاوية بلصوص، فقطعهم حتى بقي واحد منهم، فقدم ليقطع، فقال:
يميني أمير المؤمنين أعيذها ... بعفوك أن تلقى نكالا يشينها
يدي كانت الحسناء لو تم سبرها ... ولن تعدم الحسناء عابا يشينها
فلا خير في الدنيا وكانت حبيبة ... إذا ما شمالي فارقتها يمينها

فقال معاوية: كيف أفعل بك وقد قطعت أصحابك؟! فقالت أم السارق: اجعلها في ذنوبك التي تتوب منها؛ فخلى سبيله، فكان أول حد ترك في الإسلام.
الاعتبار في الحدود بحالة الوجوب [لا بحالة الأداء، حتى لو وجب الرجم أو الحد في الزنى على حر ذمي، ثم نقد العهد والتحق بدار الحرب، فسبي واسترق – يقام عليه الرجم أو الجلد مائة؛ اعتبارا بحالة الوجوب].
والاعتبار في صفته بحالة الأداء، فإن وجب وهو نضو الخلق، فصح بدنه قبل الإقامة –استوفي بالسياط. ولو وجب وهو صحيح، فصار نضو الخلق قبل الاستيفاء- أقيم عليه بإثكال النخل.
قال القاضي الحسين: ولا بد للإمام في إقامة الحدود من النية، حتى لو ضربه لمصادرة أو لمعنى آخر وعليه حدود، لا يحسب عنها.
متعاطي الجرائم الموجبة للحدود إذا أقيمت عليه، لا تقام عليه في [الدار]
الآخرة مرة أخرى؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "من أصاب حدا فعجل عقوبته في الدنيا فالله

الصفحة 432