كتاب كفاية النبيه في شرح التنبيه (اسم الجزء: 17)

ويجوز للإمام النفي في التعزير؛ كما قاله الماوردي، وإن ظاهر مذهب الشافعي – رضي الله عنه - أن مدته مقدرة بما دون السنة ولو بيوم؛ كي لا يصير مساويا للتغريب، وكذا صرح به في "الإشراف" عن قول الشافعي، وقد أشار الإمام إلى تضعيف هذا القول في "الغياثي" وإن لم يحكه؛ فإن التغريب بعض الحد، فلو غرب في التعزير [مدة] سنة لم يكن قد بلغ به الحد.
ثم جنس ما يضرب به: الثوب، والنعل، والعصا، والسوط، على حسب ما يراه إلا في ضرب الزوج زوجته؛ فإنه يضرب بالثوب، والنعل، وأكثره العصا، ولا يجوز أن يكون بالسياط؛ لخروجه عن العرف، [ولنقصه عن أحكام الحدود]، كذا قاله الماوردي وغيره، ويظهر أن يكون مفرعا على القول بأنه يضرب في حد الشرب بالسوط، وإنه لا يبلغ بالتعزير حد الشرب –فيظهر أن يقال: لا يجوز الضرب في التعزير [بالسياط] أيضا، والله أعلم.
ثم حيث يجوز بالسوط فصفته في التعزير وكيفية الضرب [به] قد مضت من قبل في باب حد الزنى.
وعلى الإمام في إقامة التعزير –كما قال الأصحاب- مراعاة الترتيب والتدريج في ذلك [كما] يراعيه الدافع للصائل، ولا يرقى إلى درجة وهو [يرى] ما دونها كافيا مؤثرا، كذا صرح به الإمام.
وقد ذكرنا أن بعض التعزيرات يتعين لها بعض الأنواع المذكورة على خلاف فيها؛ كما في قاطع الطريق.
قال [الشيخ- رحمه الله -]: ولا يبلغ به أدنى الحدود؛ لما روى
النعمان بن بشير أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ضرب حدا في غير حد فهو من

الصفحة 439