كتاب المعاملات المالية أصالة ومعاصرة (اسم الجزء: 17)
دليل من قال: الوصية واجبة لقريب غير وارث:
الدليل الأول:
{كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ} [البقرة: ١٨٠].
وجه الاستدلال:
قوله تعالى: كتب: أي فرض، كما قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ} [البقرة: ١٨٣]، ولا خلاف بين العلماء على أن الصيام فرض، فكانت الآية نصًّا على وجوب الوصية للوالدين والأقربين، خرج منهم الوارثون بالإجماع على أنه لا وصية لوارث (¬١)، وبقي سائر الأقارب على وجوب الوصية لهم.
---------------
= وأخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (٣٠٧٨٥) حدثنا ابن مهدي، عن همام، عن قتادة، عن الحسن وعبد الملك بن يعلى، قالا: ترد على قرابته.
وروى الدارمي في سننه (٣٣٠٧) من طريق حماد بن سلمة، عن حميد، عن الحسن، سئل عن رجل أوصى وله أخ موسر، أيوصي له؟ قال: نعم، وإن كان رب عشرين ألفًا، ثم قال: "وإن كان رب مائة ألف، فإن غناه لا يمنعه الحق".
ورواه سعيد بن منصور في سننه (٣٧٨) أخبرنا هشيم، قال: أخبرنا حميد الطويل، عن الحسن به.
(¬١) ونقل الإجماع على أن لا وصية لوارث الشافعي رحمه الله تعالى، انظر تفسير الإمام الشافعي، جمع وتحقيق ودراسة أحمد الفران (١/ ٢٦٨).
وقال ابن المنذر في الإشراف (٤/ ٤٠٤): أجمع كل من يحفظ عنه من علماء الأمصار من أهل المدينة، وأهل مكة، والكوفة، والبصرة، والشام، ومصر، وسائر العلماء من أصحاب الحديث، وأهل الرأي على أن لا وصية لوارث إلا أن يجيز ذلك الورثة.
وقال ابن قدامة في المغني (٦/ ١٤١): "إذا وصى لوارثه بوصية، فلم يجزها سائر الورثة، لم تصح. بغير خلاف بين العلماء. قال ابن المنذر، وابن عبد البر: أجمع أهل العلم على هذا".