كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 17)

الشَّوكُ إليها وهو غافل، فضربه الكُلَّابُ فعلَّقَه، وخرج الفرسُ من تحته فبقي معلَّقًا فمات، فحطَّه الناس وأحرقوه بالحِمْل الشَّوك.
[قلت: وليس هذا بصحيح] , والأصحُّ أنَّ المقتدر قُتِل في المعركة، كما قال ثابت بن سنان والصولي وغيرهم (¬1).
وكان سنُّه يوم قُتِل ثمانيًا وثلاثين سنةً وشهرًا وخمسةَ أيام، وخلافتُه أربعًا وعشرين سنةً واحد عشرَ شهرًا وأربعة عشر يومًا، منها (¬2) خمسةُ أيامٍ خُلِع فيها من الخلافة، يومان في نَوْبة ابن المعتز، وثلاثةُ أيام في نوبة القاهر.
وقال جدِّي في "التلقيح": وكانت (¬3) خلافتُه أربعًا وعشرين سنة [وأربعة عشر يومًا، وقيل: ] وشهرين، وقيل: خمسًا وعشرين سنةً إلا أيامًا (¬4).
وقال الصولي: عاش المقتدر في الخلافة أكثرَ مما عاش الخلفاء فيها قبله، فإنَّ المعَمَّرين من الخلفاء: معاوية (¬5)، وعبد الملك، وهشام، والمنصور، والرشيد، والمأمون، والمعتمد، وزاد هو عليهم، ثم كلُّهم ماتوا على فُرُشهم وخُتِم له بالشهادة.
ومن العجائب أنَّه لم يلِ الخلافةَ (¬6) مَن اسمه جعفر ويكنى أبا الفضل إلا هو والمتوكل، وكلاهما قُتِل يوم الأربعاء. ولا يُعرَفُ خليفةٌ قُتل في رمضان غيرُه.
وقال الخطيب: رثاه الراضي قبل أن يَلِيَ الخلافة فقال: [من الطويل]
بنَفسي ثَرًى ضاجَعْتَ في ساحة البِلى ... لقد ضمَّ منكَ الطِّيبَ والغَيثَ والبَدْرا
ولو أنَّ عُمْري كان طَوعَ مَشيئتي ... وأَسْعَدَني المِقدارُ شاطَرْتُه العُمْرا
ولو أنَّ حيًّا كان قبرًا لميِّتٍ ... لصَيَّرتُ أحشائي لأَعْظُمه قَبْرا (¬7)
¬__________
(¬1) في (خ): كما ذكرنا، والمثبت من (ف م 1)، وما بين معكوفين منهما.
(¬2) في (ف م 1): من جملتها.
(¬3) في (خ): وقيل كانت، والمثبت من (ف م 1).
(¬4) تلقيح فهوم أهل الأثر 92، وما بين معكوفين منه.
(¬5) في (خ): أكثر ما عاش المعمرين فيها قبله، وهم معاوية، والمثبت من (ف م 1)، وانظر المنتظم 13/ 309.
(¬6) في (خ): وختم له بالشهادة ولم يل الخلافة، والمثبت من (ف م 1).
(¬7) لم أقف عليها في تاريخ بغداد، وهي في تكملة الطبري 323، والكامل 7/ 366، ونسبها المرزباني في معجم الشعراء 425، وعنه ياقوت في معجم الأدباء 17/ 135 إلى ابن دريد يرثي عبد الله بن عمارة.

الصفحة 29