كتاب مرآة الزمان في تواريخ الأعيان (اسم الجزء: 17)
محمد بن موسى
أبو بكر، الواسِطيّ (¬1).
أصلُه من فَرْغانَة، وهو من أكابر أصحاب الجُنيد والنُّوري.
وكان عالمًا بأصول الدين والعلوم الظاهرة، وكلامه بمَرْو؛ لأنَّه خرج من العراق وهو شابٌّ، ومشايخه في حال الحياة.
ومن كلامه:
ابتُلينا بزمانٍ ليس فيه آدابُ الإسلام، ولا أخلاقُ الجاهلية، ولا أحلامُ ذوي المروءة.
وسئل: ما الذي يُزعِج الخَواطرَ في وقت السَّماع؟ فقال: بروقٌ تَلْمَعُ لْم تَخْمُد، وأنوارٌ تبدو ثم تَخْفى، ما أحلاها لو أقامت، ثم أنشد: [من الرمل]
خَطَرَتْ في القلب منها خَطْرَةٌ ... خَطْرَةَ البَرْق ابتدى لْم اضْمَحَلّ
أيُّ زَوْرٍ لك لو حقًّا سَرى ... ومُلمٍّ بك لو حقًّا نَزَلْ (¬2)
وقال: الوقايَةُ للأشباح، والرِّعايَةُ للأرواح.
وقال: الناس ثلاث طبقات؛ فالطبقة الأولى مَنَّ الله عليهم بالهِداية، فهم معصومون من النِّفاق، والثانية منَّ الله عليهم بأنوار العناية، [فهم مَعصومون من الصغائر والكبائر، والطبقة الثالثة مَنَّ الله عليهم بالكفاية، فهم معصومون من الخَواطر الفاسدة وحركات أهل الغَفْلَة (¬3).
وقال: إذا غَلَب الحقُّ على السَّرائر لم يَبْق فيها فَضْلَة لرجاء.
وسئل عن قوله تعالى: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] فقال: لأنَّه جاد بالكونيين، واكتفى بالمُكَوِّن.
¬__________
(¬1) حلية الأولياء 10/ 349، طبقات الصوفية 302، الرسالة القشيرية 104، المنتظم 13/ 331، مناقب الأبرار 1/ 495، تاريخ الإِسلام 7/ 617.
(¬2) مناقب الأبرار 1/ 496، والبيتان للبحتري، وهما في ديوانه 3/ 1711 من قصيدة عدتها (40) بيتًا.
(¬3) طبقات الصوفية 306، ومناقب الأبرار 1/ 498 وما بين معكوفين منهما.