كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 17)

وابصة) بن معبد الأسدي الصحابي (عن ابن مسعود -رضي اللَّه عنه- قال: سمعت رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول. فذكر بعض حديث أبي بكرة) المذكور، وزاد (قال: قتلاها) جمع قتيل، أي: قتلى الفتن التي يكثر فيها الهرج في آخر الزمان.
(كلهم في النار) قال القرطبي: هذا الحديث محمول على ما إذا كان القتال على الدنيا، يعني: وعلى حظوظ الأنفس، قال: وقد جاء هكذا منصوصا فيما سمعناه من بعض مشايخنا: "إذا اقتتلتم على الدنيا فالقاتل والمقتول في النار" خرجه البزار، ومما يدل على صحة هذا ما خرجه مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة قال رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "والذي نفسي بيده لا تذهب الدنيا حتى يأتي على الناس زمان لا يدري القاتل فيما قتل، ولا المقتول فيما قتل". فقيل: فكيف يكون ذلك؟ قال: "الهرج، القاتل والمقتول في النار" (¬1) فبين هذا الحديث أن القاتل إذا كان على جهالة من طلب دنيا أو اتباع هوى فالقاتل والمقتول في النار، فأما قتال يكون على تأويل ديني كقتال الصحابة فلا (¬2).
(قال فيه: قلت: متى ذاك يا ابن مسعود؟ قال: تلك أيام الهرج) كما تقدم (حيث لا يأمن الرجل جليسه) أن يقتله ويغرر به.
(قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك الزمان؟ ) الذي ذكرت فيه الفتن.
(قال: تكف لسانك) عن الكلام في الفتنة (ويدك) عن القتال فيها (وتكون حلسًا) بكسر الحاء المهملة، وأصله الكساء الذي على ظهر
¬__________
(¬1) مسلم (2907/ 54).
(¬2) انظر: "التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة" (ص 1104 - 1105).

الصفحة 12