كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 17)

قال الخطابي: قد يحتج بهذا الحديث من يذهب إلى وجوب قطع النباش، ووجهه أن النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- سمى القبر بيتًا، فدل على أنه حرز كالبيوت التي يسرق منها (¬1) (بالوصيف) بكسر الصاد المهملة، وهو الخادم، يريد أن الناس يشتغلون عن دفع موتاهم، حتى لا يوجد فيهم من يحفر قبر الميت ويدفنه، إلا أن يعطي وصيفًا أو قيمته، ويجوز أن يكون معناه: أن المواضع تضيق عليهم، حتى إنهم يبتاعون لموتاهم القبور كل قبر بوصيف (قلت: اللَّه ورسوله أعلم، أو قال) أبو ذر: أفعل (ما خار) بالخاء المعجمة (اللَّه تعالى لي ورسوله) لفظ رواية البغوي يوضحه، ولفظه: "كيف بك يا أبا ذر إذا كان بالمدينة موت يبلغ البيت العبد حتى إنه يباع القبر بالعبد" قال: قلت: اللَّه ورسوله أعلم (¬2).
لفظ المصنف: (ما خار اللَّه لي) أي: اختاره، فعل ما استخاره اللَّه تعالى ورسوله لي ورضياه، ثم (قال: عليك بالصبر) على الجوع، ولا تأكل حرامًا، إغراء، ذهب ابن عصفور إلى أن الباء زائدة في المبتدأ، والتقدير: فعليك بالصوم. فهو خبر لا أمر، ويؤخذ منه وجوب الصبر؛ لأن ذلك ظاهر هذِه الصيغة، ولم يدخل ابن مالك هذِه الصيغة في الإغراء، بل ذكره من أحكام اسم الفعل، فقال:
والفعل من أسمائه عليكا ... وهكذا دونك مع إليكا (¬3)
¬__________
(¬1) "معالم السنن" 4/ 314.
(¬2) "شرح السنة" 15/ 11.
(¬3) "الألفية" (ص 54).

الصفحة 18