كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 17)

إذا كان أصله الجار والمجرور أو الظرف، ومعنى: عليك الصبر. أي: الزمه وداوم عليه؛ لتستعين به على شرور الفتن، كما قال تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ} (¬1) (أو قال: تصبر) على كثرة الفتن ما استطعت.
(ثم قال لي: يا أبا ذر. قلت: لبيك وسعديك) يا رسول اللَّه. ولابن ماجه زيادة، ولفظه: قال: "تصبر" قال: "كيف أنت وجوع يصيب الناس حتى تأتي مسجدك فلا تستطيع أن ترجع إلى فراشك، أو لا تستطيع أن تقوم من فراشك إلى مسجدك؟ " قال: قلت: اللَّه ورسوله أعلم. قال: "عليك بالعفة" (¬2) (قال: كيف أنت) أي: كيف حالك (إذا رأيت أحجار الزيت قد عرقت بالدم؟ ) لفظ ابن ماجه: "كيف أنت وقتل يصيب الناس حتى تغرق أحجار الزيت بالدم" (¬3).
ورواية البغوي: "كيف بك يا أبا ذر إذا كان بالمدينة قتل يغمر بالدمماء أحجار الزيت" (¬4) أي: يسترها، و (عرقت) بفتح العين المهملة، وقاف بعد الراء.
قال القرطبي: عرقت لزمت، والعروق: اللزوم (¬5). والمعنى أن الدم لزم أحجار الزيت عند وقوع الفتن، كما يلزم العرق للجسم إذا حصل له مشقة وتعب.
¬__________
(¬1) البقرة: 45.
(¬2) "سنن ابن ماجه" (3958).
(¬3) السابق.
(¬4) "شرح السنة" 15/ 12.
(¬5) "التذكرة" (ص 1135).

الصفحة 19