كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 17)

(فأقبل رجل من أهل فلسطين) بكسر الفاء وفتح اللام من مدن الشام، قاعدتها بيت المقدس (من أشرافهم وخيارهم يعرفون له ذلك) ويشهدون لشرفه وعظم منزلته (يقال له: هانئ بن كلثوم بن شريك الكناني) أو الكندي الفلسطيني، صدوق، من فضلاء تابعي أهل الشام وكبرائهم، عرضت عليه إمرة فلسطين، فامتنع منها؛ لاشتغاله بالعبادة، أرسل عن عمر وغيره وكان على رأس المئة.
(فسلم على عبد اللَّه بن أبي زكريا) الفقيه التابعي الشامي الجليل، قال الأوزاعي: لم يكن بالشام رجل يفضل عليه، وكان يقول: ما عالجت شيئًا من العبادة أشد من السكوت، وعالجت لساني عشرين سنة قبل أن يستقيم لي.
وقال: لو خيرت بين أن أعمر مئة سنة في طاعة اللَّه، أو أن أقبض في ساعتي لاخترت أن أقبض؛ شوقًا إلى اللَّه وإلى رسوله وإلى الصالحين من عباده. لا يتكلم إلا أن يسأل، قال: ما مسست دينارًا ولا درهمًا قط، ولا اشتريت شيئًا قط ولا بعته. وكان [له] (¬1) إخوة يكفونه، مات سنة سبع عشرة ومئة (¬2) (وكان يعرف له حقه) وارتفاع منزلته (قال لنا خالد) بن دهقان (فحدثنا عبد اللَّه بن أبي زكريا) المذكور (قال: سمعت أم الدرداء) الصغرى واسمها: [هجيمة، وقيل] (¬3): جهيمة بنت حيي الأوصابية الحميرية الدمشقية، ليست لها صحبة (تقول: سمعت
¬__________
(¬1) ليست في (ل)، (م)، والمثبت من مصادر ترجمته.
(¬2) انظر: "تهذيب الكمال" 14/ 520.
(¬3) ساقطة من (م).

الصفحة 41