كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 17)

(عن أبي الزناد) عبد اللَّه بن ذكوان (عن مجالد بن عوف) الحجازي الحضرمي، صدوق (أن خارجة بن زيد) الأنصاري الفقيه (قال: سمعت) أبي (زيد بن ثابت في هذا المكان يقول: أنزلت هذِه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا}) يعني (بعد) الآية (التي في) سورة (الفرقان) وهي ({وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ}) قتلها ({إِلَّا بِالْحَقِّ}) مذهب الشافعي أن الاستثناء العائد بعد معطوفات يعود إلى جميع ما تقدمه.
(بستة أشهر) وتوافق هذِه الرواية عن زيد بن ثابت الرواية عن ابن عباس في "صحيح البخاري" عن المغيرة بن النعمان قال: سمعت سعيد بن جبير قال: إنه اختلف فيها أهل الكوفة، فرحلت فيها إلى ابن عباس فسألته عنها فقال: نزلت هذِه الآية: {وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا} هي آخر ما نزل وما نسخها شيء (¬1). وعلى هذِه الرواية أن هذِه الآية محكمة ليست منسوخة بكون من قتل مؤمنًا متعمدًا مخلدًا في النار، وهو خلاف مذهب الجمهور، والجواب عنه أن المراد بالخلود في الآية المكث الطويل، إذ قد ثبت أنه لا يخلد في النار من في قلبه مثقال ذرة خردل من إيمان.
قال القرطبي: ذهب المعتزلة إلى ما روي عن زيد بن ثابت وابن عباس، وقالوا: الوعيد على قتل المؤمن متعمدًا نافذ حتمًا على كل قاتل، وجمعوا بين قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وبين هذِه الآية بأن تقدير الآية: يغفر ما دون ذلك
¬__________
(¬1) البخاري (4590)، وهو عند مسلم أيضًا (3523).

الصفحة 46