مقتضى كرم خلقه، وعظيم مروءته، وجلبًا للمصلحة، ودفعًا للمفسدة، ودفعًا لثائرة الشر، وتأليفًا للأغراض المتنافرة عند تعذر الوصول إلى استيفاء الحق، وهذا اللفظ الذي هو "من قبله" أو من عنده (¬1). ظاهر في أن الإبل التي دفعها كانت من ماله، وهذا أصح من رواية من روى أنها كانت من إبل الصدقة؛ إذ قيل: إنها غلط من بعض الرواة، إذ ليس هذا من تصرف الزكاة.
(قال) حماد بن زيد (قال سهل) بن أبي حثمة (دخلت مربدًا لهم) بفتح الميم، وكسر الباء الموحدة (¬2)، وهو الموضع الذي تجتمع فيه الإبل وتحبس، والربد الحبس ([يومًا] (¬3) فركضتني) أي: وقصتني [أو رفستني] (¬4)، والرفس بالسين المهملة: الضرب بالرجل (ناقة من تلك الإبل) التي أخذت في الدية، وفيه دليل على أن الأصل في الدية الإبل؛ لأن اللَّه تعالى أوجب دية مجملة في قوله تعالى: {وَدِيَةٌ مُسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ} (¬5)، وبينها النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- في قوله: "في النفس مائة من الإبل" رواه النسائي وصححه ابن حبان والحاكم (¬6).
¬__________
(¬1) رواه البخاري (7192)، ومسلم (1669/ 4).
(¬2) المشهور في المربد الكسر ثم السكون وفتح الباء ودال مهملة والمذكور على غير القياس. انظر: "معجم البلدان" 5/ 97.
(¬3) من المطبوع.
(¬4) ليست في النسخ، وأثبتها ليستقيم السياق.
(¬5) النساء: 92.
(¬6) "المجتبى" 8/ 57، 59 - 60، "السنن الكبرى" 4/ 245 - 247، "صحيح ابن حبان" 14/ 501 (6559)، "المستدرك" 1/ 395 - 396.