كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 17)

وعهدهم (أدناهم) أي: إن أدنى المسلمين إذا أعطى أحدًا أمانًا أو عهدًا كان على الباقين موافقته، وأن لا ينقضوا عهده، ولا ذمته (ألا لا يقتل مؤمن بكافر) فيه دليل على أن المسلم لا يقتل بالذمي (¬1) قصاصًا، وعليه مالك والشافعي وأحمد (¬2)، وذهبت الحنفية إلى أنه يقتل به (¬3)؛ لما روى عبد الرحمن بن البيلماني أن رجلًا من المسلمين قتل رجلًا من أهل الذمة، فأمر رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- بقتله (¬4).
قال البيضاوي: إنه منقطع لا احتجاج به، ولأنه روي أن الكافر الذي في الحديث كان رسولًا فيكون مستأمنًا لا ذميًّا، والمستأمن لا يقتل به المسلم وفاقًا، ثم إن صح الحديث فهو منسوخ؛ لأنه روي أنه كان قبل الفتح وقال -صلى اللَّه عليه وسلم- يوم الفتح في خطبة خطبها على درجة البيت الشريف: "لا يقتل مؤمن بكافر" (¬5) (ولا ذو عهد) أي: ولا يقتل
¬__________
(¬1) في (م): بالكافر. وفي هامشها: بالذمي.
(¬2) انظر: "الذخيرة" للقرافي 12/ 320، "الحاوي الكبير" 12/ 11، "روضة الطالبين" 9/ 150، "المغني" لابن قدامة 11/ 465 - 466.
(¬3) انظر: "مختصر اختلاف العلماء" 5/ 157، "بدائع الصنائع" 7/ 237.
(¬4) رواه أبو داود في "المراسيل" (250)، وابن أبي شيبة في "المصنف" 5/ 408 (27460)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار" 3/ 195، والدارقطني 3/ 135، والبيهقي 8/ 56.
وقال الألباني في "الضعيفة" (460): منكر.
(¬5) رواه أحمد 2/ 180، 215، وابن الجارود في "المنتقى" (1052)، والبيهقي في "السنن الكبرى" 8/ 54، وفي "السنن الصغير" 3/ 210، والبغوي في "شرح السنة" 10/ 202 - 203 (2542) من حديث عبد اللَّه بن عمرو بن العاص.
وصححه ابن خزيمة 4/ 26 (2280).

الصفحة 616