كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 17)

لأن تجويز القضاء بعلمه (¬1) يفضي إلى تهمة، ومذهب الشافعي أن القاضي يحكم بعلمه في الأموال والقصاص لا في حدود اللَّه تعالى، وفصل أبو حنيفة فقال: ما علمه قبل ولايته لم يحكم به، وما علمه بعد ولايته حكم به (¬2) (فهم المهاجرون بهم) أي: بالوقوع فيهم بما أنكروا رضاهم بحضرة النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- (فأمرهم رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- أن يكفوا عنهم فكفوا) وهذا من عظيم حلمه -صلى اللَّه عليه وسلم-، وفيه أن مستحقي الدية إذا أنكروا الرضا يقبل منهم؛ فإن الرضا خفي في القلب، لكن الاعتراف باللسان دليل على حصوله كما في البيع (ثم دعاهم فزادهم) رواية ابن عبد البر (¬3): فهم المهاجرون فنزل النبي -صلى اللَّه عليه وسلم- فأعطاهم، ثم صعد (¬4) فخطب الناس (فقال: أرضيتم؟ قالوا: نعم. قال: إني خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم. قالوا: نعم) [رضينا (فخطب النبي -صلى اللَّه عليه وسلم-) ثانيًا (فقال: أرضيتم؟ قالوا: نعم)] (¬5) فيه حجة على أن الحاكم لا يحكم بعلمه؛ لأنهم لما رجعوا عن رضاهم الأول لم يلزمهم به ولم يحكم عليهم بعلمه، بل زادهم ثانيًا.
* * *
¬__________
(¬1) ساقطة من (م).
(¬2) انظر: "الأم" 7/ 534 - 535، "الحاوي الكبير" 16/ 321 - 322، "نهاية المطلب" 18/ 580، "البيان للعمراني" 13/ 102 - 104، "روضة الطالبين" 11/ 156، "مختصر اختلاف العلماء" 3/ 369، "المبسوط" 16/ 105.
(¬3) "التمهيد" 22/ 217، "الاستذكار" 22/ 11.
(¬4) ساقطة من (م).
(¬5) ما بين المعقوفتين ساقط من (م).

الصفحة 627