كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 17)

ثمانية وأربعين درهمًا، وظاهر الحديث التخيير بين الدنانير والدراهم لكن الذي عليه الجمهور أن على أهل الذهب دنانير، وعلى أهل الفضة دراهم، كما سيأتي في الحديث بعده (ودية أهل الكتاب) تشمل الذميين والمهادنين والمستأمنين وتشمل اليهود والنصارى وكذا السامرة، لكن يدخل فيه الحربي وله حكم غير حكم أهل الذمة (يومئذٍ) أي: يوم عهد رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- حين قومها (النصف من دية المسلمين) استدل به الإمام مالك وأحمد بن حنبل أنَّ دية الحر الكتابي نصف دية المسلم، ونساؤهم على النصف من دمائهم، وهو مذهب عمر بن عبد العزيز وعروة، وعند أبي حنيفة: ديتهم كدية المسلم.
ومذهب الشافعي: أن ديتهم كثلث دية مسلم نفسًا وجرحًا (¬1)؛ لأن العلماء اختلفوا في قدرها، واتفقوا على أنه لا أقل من الثلث، وما زاد عنه معلوم ببراءة الذمة فلا يعدل عنه إلا بخبر لازم، ويعضد البراءة أن عمر وعثمان قضيا في دية اليهودي والنصراني بثلث دية المسلم (¬2)، فلذلك أوجبنا الأقل كما أجمع عليه، وهي قاعدة الأصوليين الأخذ بأقل ما قيل.
(قال: وكان ذلك) الأمر (كذلك حتى استخلف عمر -رضي اللَّه عنه- فقام خطيبًا)
¬__________
(¬1) انظر: "المبسوط" 26/ 84، "بدائع الصنائع" 7/ 254، "مختصر اختلاف العلماء" 5/ 155، "الذخيرة" 12/ 356، "الأم" 9/ 134، "الأوسط" لابن المنذر 13/ 171، "المغني" 12/ 51.
(¬2) أثر عمر رواه عبد الرزاق 10/ 93 (18479)، وابن أبي شيبة 14/ 179 (28025)، وابن المنذر في "الأوسط" 13/ 171. وأثر عثمان رواه ابن أبي شيبة 14/ 180 (28030)، وابن المنذر في "الأوسط" 13/ 172.

الصفحة 645