كتاب شرح سنن أبي داود لابن رسلان (اسم الجزء: 17)

(كانت في الجاهلية تذكر وتدعى) بضم التاء وتشديد الدال، أي: على أحد (من دمٍ أو مال) فهي موضوعة (تحت قدميَّ) بفتح الميم وتشديد الياء على التثنية، وروي بكسر الميم وتخفيف الياء على الإفراد (إلا ما كان من سقاية الحاج) أي: إلا ما كان من افتخار أهل سقاية الحاج، يعني: ما كانوا يسقونه الحجيج من الزبيب المنبوذ في الماء.
وقرأ ابن الزبير وغيره سُقاة الحاج بضم السين وحذف الياء جمع ساقي (وسدانة) بكسر السين (البيت) أي: خدمته، والبيت: بيت اللَّه الحرام، والسدانة مصدر سَدَن يَسْدُن سِدَانة، ككتب يكتب كتابة، وكانت خدمة الكعبة في الجاهلية لبني عبد الدار، والسقاية في بني هاشم، وأقرها رسول اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- ثم انتقلت الخدمة لبني شيبة والسقاية لبني العباس.
(ثم قال: ألا إن دية الخطأ شبه العمد) والقاعدة أنَّ المشبه أعلى من المشبه به وأعظم منه في المقصود، فإن حملناه على ظاهره في أن دية الخطأ كشبه العمد، فإن شبه العمد وإن وافق الخطأ في العدد وهو مائة من الإبل لكن ديته مغلظة كما سيأتي أكثر من الخطأ، ويحتمل أن يراد بشبه تشبيه العمد بالخطأ لكن دية الخطأ أعلى؛ لكونها متفقًا عليها، وشبه العمد مختلف فيه، إذ خالف فيه مالك (¬1) وغيره، وعلى هذا فيكون هذا من التشبيه المقلوب كقول الشاعر:
¬__________
(¬1) "المدونة" 4/ 558.

الصفحة 655