الْغَرَض من ذكره هُنَا لقَوْله: (وَكَانَ بَدْرِيًّا) . وَالقَاسِم بن مُحَمَّد بن أبي بكر الصّديق، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَابْن خباب هُوَ عبد الله ابْن خباب، بِفَتْح الْخَاء الْمُعْجَمَة وَتَشْديد الْبَاء الْمُوَحدَة الأولى: مولى بني عدي بن النجار الْأنْصَارِيّ، وَأَبُو سعيد سعد بن مَالك الْخُدْرِيّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، وَفِي الْإِسْنَاد ثَلَاثَة من التَّابِعين على نسق وَاحِد.
قَوْله: (من لُحُوم الْأَضْحَى) ويروى: الْأَضَاحِي. قَوْله: (بآكله) على صِيغَة اسْم الْفَاعِل من أكل. قَوْله: (إِلَى أَخِيه لأمه) وَهِي أنيسَة بنت قيس بن عَمْرو. قَوْله: (وَكَانَ بَدْرِيًّا) أَي: وَكَانَ أَخُوهُ لأمه وَهُوَ قَتَادَة مِمَّن شهد غَزْوَة بدر، قَوْله: (قَتَادَة بن النُّعْمَان) يجوز فِيهِ الرّفْع وَالنّصب والجر، أما الرّفْع فعلى أَنه خبر لمبتدأ مَحْذُوف تَقْدِيره: هُوَ قَتَادَة بن النُّعْمَان، وَأما النصب فعلى أَنه مفعول لفعل مَحْذُوف تَقْدِيره: أَعنِي قَتَادَة، وَأما الْجَرّ فعلى أَنه بدل من أَخِيه، وَبَقِيَّة نسب قَتَادَة هُوَ: ابْن النُّعْمَان بن زيد بن عَامر بن سَواد بن كَعْب، وَكَعب هُوَ ظفر بن الْخَزْرَج بن عَمْرو بن مَالك بن الْأَوْس الْأنْصَارِيّ الظفري، يكنى أَبَا عَمْرو وَقيل: أَبَا عمر، وَقيل: أَبَا عبد الله عَقبي بَدْرِي أحدي وَشهد الْمشَاهد كلهَا وَأُصِيبَتْ عينه يَوْم بدر، وَقيل: يَوْم الخَنْدَق، وَقيل: يَوْم أحد وَهُوَ الْأَصَح، فسالت حدقته على وَجهه فأرادوا قطعهَا ثمَّ أَتَوا النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَرفع حدقته بِيَدِهِ حَتَّى وَضعهَا موضعهَا ثمَّ غمزها براحته، وَقَالَ: أللهم اكسه جمالاً، فَمَاتَ وَإِنَّهَا لأحسن عَيْنَيْهِ وَمَا مَرضت بعد، وَقَالَ الْهَيْثَم بن عدي، فَأتى رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وعينه فِي يَده، فَقَالَ: مَا هَذِه يَا قَتَادَة؟ قَالَ: هُوَ كَمَا ترى! فَقَالَ: إِن شِئْت صبرت وَلَك الْجنَّة، وَإِن شِئْت رَددتهَا ودعوت الله تَعَالَى، فَلم تفقد مِنْهَا شَيْئا، فَقَالَ: يَا رَسُول الله إِن الْجنَّة لجزاء جليل وَعَطَاء جميل، وَلَكِنِّي رجل مبتلًى بحب النِّسَاء وأخاف أَن يقلن: أَعور، فَلَا يردنني، وَلَكِن تردها وتسأل الله تَعَالَى لي الْجنَّة، فَأَخذهَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِيَدِهِ وأعادها إِلَى مَكَانهَا، فَكَانَت أحسن عَيْنَيْهِ إِلَى أَن مَاتَ، ودعا لَهُ بِالْجنَّةِ. وَقَالَ عبد الله بن مُحَمَّد بن عمَارَة: قَالَ: يَا رَسُول الله إِن عِنْدِي امْرَأَة أحبها وَإِن هِيَ رَأَتْ عَيْني خشيت أَن تقذرني، فَردهَا رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، بِيَدِهِ فاستوت، وَعَن إِبْنِ إِسْحَاق من حَدِيث جَابر بن عبد الله، وَقَالَ: أُصِيبَت عين قَتَادَة بن النُّعْمَان يَوْم أحد وَكَانَ قريب عهد بعرس، فَأتى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، فَأَخذهَا بِيَدِهِ فَردهَا فَكَانَت أحسن عَيْنَيْهِ وأحدَّهما نظرا، وَقَالَ أَبُو معشر السندي: قدم رجل من ولد قَتَادَة بن النُّعْمَان على عمر بن عبد الْعَزِيز، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، فَقَالَ: مِمَّن الرجل؟ فَقَالَ:
(أَنا ابْن الَّذِي سَالَتْ على الخد عينه ... فَردَّتْ بكف الْمُصْطَفى أحسن الرَّدِّ)
(فَعَادَت لما كَانَت لأوّل أمرهَا ... فيا حسن مَا عين وَيَا حسن مَا رد)
توفّي قَتَادَة فِي سنة ثَلَاث وَعشْرين، وَصلى عَلَيْهِ عمر بن الْخطاب وَنزل فِي قَبره أَخُوهُ أَبُو سعيد الْخُدْرِيّ وَهُوَ ابْن خمس وَسِتِّينَ سنة. قَوْله: (إِنَّه) أَي: إِن الشَّأْن. قَوْله: (نقض) بِالْقَافِ وَالضَّاد الْمُعْجَمَة بِمَعْنى: نَاقض. قَوْله: (لما كَانُوا ينهون عَنهُ) أَي: لما كَانَت الصَّحَابَة ينهون على صِيغَة الْمَجْهُول من أكل لُحُوم أضاحيهم بعد ثَلَاثَة أَيَّام، وَاحْتج بِهَذَا الحَدِيث قوم على أَنه يحرم إمْسَاك لُحُوم الْأَضَاحِي وَالْأكل مِنْهَا بعد ثَلَاثَة أَيَّام، وَاحْتَجُّوا أَيْضا بِحَدِيث عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: إِن رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، نَهَانَا أَن نَأْكُل من لُحُوم نسكنا بعد ثَلَاث، وَقَالَ جَمَاهِير الْعلمَاء: يُبَاح الْأكل والإمساك بعد الثَّلَاث، وَالنَّهْي مَنْسُوخ بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: كلوا بعد وَادخرُوا وتزودوا، على مَا يَجِيء بَيَانه فِي كتاب الْأَضَاحِي مفصلا إِن شَاءَ الله تَعَالَى.
3998 - حدَّثنا عُبَيْدُ بنُ إسْمَاعِيلَ حدَّثنا أبُو أُسَامَةَ عنْ هِشَامِ بنِ عُرْوَةَ عنْ أبِيهِ قَالَ قَالَ الزُّبَيْرُ لَقِيتُ يَوْمَ بَدْرٍ عُبَيْدَةَ بنَ سَعِيدِ بنِ العَاصِ وهْوَ مُدَجَّجٌ لاَ يُرَى مِنْهُ إلاَّ عَيْنَاهُ وهْوَ يُكْنَى أبَا ذَاتِ الكَرِش فَقَالَ أَنا أبُو ذَاتِ الكَرِشِ فحَمَلْتُ عَلَيْهِ بالْعَنَزَةِ فَطَعَنْتُهُ فِي عَيْنِهِ فَماتَ. قالَ هِشَامٌ فأُخْبِرْتُ أنَّ الزُّبَيْرَ قَالَ لَقَدْ وضَعْتُ رِجْلِي علَيْهِ ثُمَّ تَمَطَّأتُ فكانَ الجَهْدُ أنْ نَزَعْتُهَا وقَدِ انْثَنَى طَرَفَاهَا قَالَ عُرْوَةُ فَسألَهُ إيَّاهَا رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فأعْطَاهُ فلَمَّا قُبِضَ رسُولُ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أخَذَهَا ثُمَّ طَلَبَهَا أبُو بَكْرٍ فأعْطَاهُ إيَّاهَا فلَمَّا قُبِضَ أبُو بَكْرٍ سألَهُ إيَّاهَا عُمَرُ فأعْطَاهُ إيَّاهَا فلَمَّا قُبِضَ عُمَرُ أخَذَهَا ثُمَّ طَلَبَها عُثْمَانُ مِنْهُ فأعْطَاهُ إيَّاهَا فلَمَّا قُتِلَ عُثْمَانَ وقَعَتْ عِنْدَ آل عَلِيٍّ فَطَلَبَهَا عَبْدُ الله بنُ الزُّبَيْرِ فَكانَتْ عِنْدَهُ حتَّى قُتِلَ.
ذكره هُنَا لأجل قَوْله: (يَوْم بدر) وَعبيد مصغر عبد واسْمه فِي الأَصْل: عبد الله بن إِسْمَاعِيل أَبُو مُحَمَّد الْهَبَّاري الْقرشِي الْكُوفِي، وَأَبُو أُسَامَة حَمَّاد بن أُسَامَة، وَالزُّبَيْر هُوَ ابْن الْعَوام، و: عُبَيْدَة بِضَم الْعين وَفتح الْبَاء الْمُوَحدَة، وَقيل: بِفَتْح الْعين وَكسر الْمُوَحدَة: ابْن سعيد بن الْعَاصِ بن أُميَّة ابْن عبد شمس.
قَوْله: (وَهُوَ مدجج) ، بِضَم الْمِيم وَفتح الدَّال الْمُهْملَة وَكسر الْجِيم الأولى وَفتحهَا على صِيغَة اسْم الْفَاعِل من: دجج، بِالتَّشْدِيدِ فِي شكته وتدجج أَي: تغطى بِالسِّلَاحِ فَلَا يظْهر مِنْهُ شَيْء، والمدجج شاكي السِّلَاح تامه. قَوْله: (أَبُو ذَات الكرش) بِفَتْح الْكَاف وَكسر الرَّاء، وَهُوَ لذِي الْخُف والظلف وكل محتر كالمعدة للْإنْسَان، وكرش الرجل أَيْضا عِيَاله، والكرش أَيْضا: الْجَمَاعَة من النَّاس. قَوْله: (بالعنزة) ، بِفَتْح النُّون وَهِي كالحربة، قَالَه الدَّاودِيّ: وَقَالَ ابْن فَارس: هِيَ شبه العكاز. قَوْله: (قَالَ هِشَام) هُوَ ابْن عُرْوَة، وَهُوَ مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور. قَوْله: (فَأخْبرت) على صِيغَة الْمَجْهُول. قَوْله: (ثمَّ تمطات) وَقَالَ الدمياطي: الصَّوَاب: تمطيت، وَهُوَ من التمطي، وَهُوَ مد الْيَدَيْنِ فِي الْمَشْي، وتمطط أَي: تمدد. قَوْله: (فَكَانَ الْجهد) بِفَتْح الْجِيم وَبِضَمِّهَا. قَوْله: (أَن نزعتها) ، بِفَتْح الْهمزَة، وَالضَّمِير فِي: نزعتها، وَفِي: طرفاها، للعنزة وَمعنى: انثنى انعطف. قَوْله: (قَالَ عُرْوَة) مَوْصُول بِالْإِسْنَادِ الْمَذْكُور. قَوْله: (فَسَأَلَهُ إِيَّاهَا) أَي: سَأَلَ الزبيرَ العنزةَ رسولُ الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَوْله: (فَأعْطَاهُ) أَي: فَأعْطى الزبير رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم العنزة عَارِية. قَوْله: (أَخذهَا) يَعْنِي: أَخذ الزبير العنزة بعد موت رَسُول الله، صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لِأَنَّهَا كَانَت عَارِية. قَوْله: (ثمَّ طلبَهَا أَبُو بكر، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ) أَي: ثمَّ طلب العنزة أَبُو بكر من الزبير فَأعْطَاهُ إِيَّاهَا عَارِية، وَكَذَلِكَ جرى مَعَ عمر وَعُثْمَان، رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا. قَوْله: (عِنْد آل عَليّ، رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ) أَي: عِنْد عَليّ نَفسه، وَلَفْظَة: الْآل، مقحمة، وَبعد عَليّ كَانَت عِنْد أَوْلَاده ثمَّ طلبَهَا الزبير من أَوْلَاد عَليّ فَكَانَت عِنْده إِلَى أَن قتل.
3999 - حدَّثنا أبُو اليَمانِ أخبرنَا شُعَيْبٌ عنِ الزُّهْرِيِّ قَالَ أخبرَنِي أبُو إدْرِيسَ عائِذُ الله بنُ عَبْدِ الله أنَّ عُبَادَةَ بنَ الصَّامِتِ وكانَ شَهِدَ بَدْرَاً أنَّ رسُولَ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ بايِعُونِي. .
ذكره هُنَا لأجل قَوْله: (وَكَانَ شهد بَدْرًا) وَأَبُو الْيَمَان: الحكم بن نَافِع، والْحَدِيث مر بِهَذَا الْإِسْنَاد بِعَيْنِه بأتم مِنْهُ فِي كتاب الْإِيمَان فِي: بَاب حَدثنَا أَبُو الْيَمَان.
4002 - حدَّثنا إبْرَاهِيمُ بنُ مُوساى أخبرَنا هِشامٌ عنْ مَعْمَرٍ عنِ الزُّهْرِيِّ ح.
وحدَّثَنا إسْمَاعِيلُ قَالَ حدَّثنِي أخِي عنْ سُلَيْمَانَ عنْ مُحَمَّدٍ بنِ أبِي عَتِيقٍ عنِ ابنِ شِهَابٍ عنْ عُبَيْدِ الله بنَ عَبْدِ الله ابنِ عُتْبَةَ بنَ مَسْعُودٍ أنَّ ابنَ عَبَّاسٍ رَضِي الله تَعَالَى عنهُما قَالَ أخْبَرَنِي أبُو طَلْحَةَ رَضِي الله تَعَالَى عنهُ صاحِبُ رسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكانَ قَدْ شَهِدَ بَدْرَاً مَعَ رَسُولِ الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أنَّهُ