كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 17)

جمعاً لتَوْبَةٍ كتَمْرٍ وتَمْرَةٍ و «ذِي الطَّوْلِ» نعت أو بدل كما تقدم، والطَّوْلُ سَعَةُ الفَضْل، و «لاَ إله إلاَّ هُوَ» يجوز أن يكون مستأنفاً، وأن يكون حالاً وحي حالٌ لازمةٌ، وقال أبو البقاء يجوز أن يكون صفة، وهذا على ظا هره فاسد؛ لأن الجُمَل لا تكون صفة للمعارف، ويمكن أن يريد أنه صفة لشديد العقاب، لأنه لم يتعرف بالإضافة.
والقول في «إلَيْهِ المَصِيرُ» كالقول في الجملة قبله ويجوز أن يكون حالاً من الجُمْلَةِ قبله.
فصل
قال المفسرون: غافر الذنب ساتر الذنب وقابل التوب أي التوبة، مصدر تَابَ يَتُوبُ تَوْباً، وقيل: التوب جمع توبة مثل: دَوْمَة ودَوْم، وعَوْمة وعَوْم، وقال ابن عباس رَضِيَ اللَّهُ عَنْهما: غافر لمن قال لا إله إلا الله، وقال التوب لمن قال لا إله إلا الله، شديد العقاب لمن لا يقول لا إله إلا الله، «ذي الطول» ذي الغِنَى عمن لا يقول لا إله إلا الله.
قال مجاهد: ذي الطول ذي السَّعَةِ، والغِنَى، وقال الحسن: ذي الفضل، وقال قتادة: ذو النعم، وقيل: ذو القدرة، وأصل الطَّوْل الإنعام الذي تطولُ مُدَّتُهُ على صابحه، لا إله إلا هو إليه المصير. والمعنى أنه لما وصف نفسه بصفاتِ الرحمة والفضل فلو حصل معه إله آخر يشاركه في صفة الرحمة والفضل لما كانت الحاجة إلى عبوديته شديدة فكان الترغيب والترهيب الكاملين حاصلين بسبب هذا التوحيد. وقوله «إلَيثْهِ المَصِيرُ» مما يقوِّي الرغبة في الإقرار بالعبودية.
قوله تعالى: {مَا يُجَادِلُ في آيَاتِ الله إِلاَّ الذين كَفَرُواْ} لما قرر أن القرآن كتابه أنزله ليهتدى به في الدين ذكر أقوال من يجادل لغرض إبطاله فقال {ما يجادل في آيات الله} أي في دفع آيات الله بالتكذيب والإنكار إلا الذين كفروا.
واعلم أن الجدالَ نوعان، جدالٌ في تقرير الحق، وجدالٌ في تقرير الباطل، أما الجدال في تقرير الحق فهو حِرْفة الأنبياء عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ قال تعالى لمحمد

الصفحة 10