كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 17)

أولهما: الكفر، وثانيهما: الفسق وهذا الفِسق لا بدّ وأن يكون مغايراً لذلك الكفر لأن العَطْفَ يوجب المغايرة فثبت أن فسق الكافر يوجب العذاب في حقهم، ولا معنى للفسق إلا ترك المأمورات وفعل المنهيَّات.
قوله تعالى: {واذكر أَخَا عَادٍ إِذْ أَنذَرَ قَوْمَهُ بالأحقاف ... } الآية لما ذكر دلائل النبوة والتوحيد وكان أهل مكة بسبب استغراقهم في لذات الدنيا أعرضوا عنها ولم يلتفتوا إليها لهذا السبب قال تعالى في حقهم: {وَيَوْمَ يُعْرَضُ الذين كَفَرُواْ عَلَى النار أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكُمُ الدنيا} [الأحقاف: 20] فلما كان الأمر كذلك بين أن قوم عاد كانوا أكثر أموالاً وقوةً وجاهاً، ثم إن الله تعالى سلَّط عليهم العذاب بكفرهم وذكر قصتهم ليعتبر بها أهل مكة فيتركوا الاغترار بما وجدوه في الدنيا ويقبلوا على طلب الدين الحق فقال: «وَاذْكُرْ يا محمد لقومك أَخَا عَادٍ» أي هوداً عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام ُ.
قوله: {إِذْ أَنذَرَ} بدل من «أخا» بدل اشتمال وتقدم تحقيقه. وقوله {بالأحقاف} هي جمع حِقْفٍ وهو الرمل المستطيل المعوجُّ ومنه احْقَوْقَفَ الهِلاَلُ، قال امرؤ القيس:
4454 - فَلَمَّا أَجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وَانْتَحَى ... بِنَا بَطْنُ حقْفٍ ذِي حِقَافٍ عَقَنْقَلِ

الصفحة 404