كتاب اللباب في علوم الكتاب (اسم الجزء: 17)

أن يكون نعتاً لنكرة وكذلك «مُمْطِرُنَا» وقع نعتاً «لِعَارِضٍ» ومثله:
4456 - يَا رُبَّ غَابِطِنَا لَوْ كَانَ يَطْلُبُكُمْ ... لاَقَى مُبَاعَدَةً مِنْكُمْ وَحِرْمَانَا
وقد تقدم أن أوديةً جمع وادٍ، وأن أفْعِلَةً وردت جمعاً لفاعل في ألفاظ كَوَادٍ وأدْوِيَةٍ ونَادٍ وأنْدِيَةٍ، وحَائِزٍ وأَحْوِزَةٍ.
فصل
قال المفسرون: كانت عاد قد حبس عنهم المطر أيماً فساق الله إليهم سحابة سوداء فخرجت عليهم من وادٍ لهم يقال له: المغيث، فلما رأوها استبشروا وقالوا: هذا عارض ممطرنا فقال الله تعالى: {بَلْ هُوَ مَا استعجلتم بِهِ} من العذاب. ثم بين ماهيته فقال: {رِيحٌ فِيهَا عَذَابٌ أَلِيمٌ} ثم وصف تلك الريح فقال: {تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ بِأَمْرِ رَبِّهَا} أي تهلك كل شيء من الحيوان والناس بأم ربها. ومعناه أن هذا ليس من باب تأثيراتٍ الكواكب والقِرانَات بل هو أمر حدث ابتداءً بقدرة الله تعالى لأجل تَعْذِبكم.
قوله: {بَلْ هُوَ مَا استعجلتم بِهِ} قرىء: «ما اسْتُعْجلْتُمْ» مبنياً للمفعول. وقوله: «ريحٌ» يجوز أن يكون خبر مبتدأ مضمر أي هُوَ رِيحٌ، ويجوز أن يكون بدلاً من «هِيَ» و «فِيهَا عَذَابٌ» صفة ل «رِيحٍ» وكذلك «تُدَمّر» .
وقرىء: يَدْمُر كل شيء، بالياء من تحت مفتوحة، وسكون الدال، وضمّ الميم بالرفع على الفاعلية، أي تهلك كل شيء.
وزيد بن علي كذلك إلا أنه بالتاء من فوق ونصب كل والفاعل ضمير الريح؛ وعلى هذا فيكون (دَمَرَ) الثلاثي لازماً ومتعدياً.

الصفحة 407